بوابة إفريقيا الاقتصادية
الجمعة، 29 مارس 2024 12:19 مـ بتوقيت طرابلس
بوابة إفريقيا الاقتصادية

الاقتصاد العربي

المغرب والصناعات الكبرى.. إمكانيات التطور والصمود

بوابة إفريقيا الاقتصادية

على الرغم من الأزمة الصحية التي تسببت في توقف مؤقت للإنتاج وتراجع في حجم الصادرات، تمكنت المهن العالمية للمغرب من الإقلاع مجددا، حيث أبانت عن قدرة كبيرة على الصمود، مؤكدة بذلك صواب هذا الخيار الاستراتيجي.
فبفضل نقاط القوة والمزايا التنافسية، كالموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة، واليد العاملة المؤهلة، والنظم الصناعية القوية، علاوة على المواكبة الملائمة للجهات المختصة، عادت غالبية هذه القطاعات إلى تحقيق نمو في الربع الأول من العام الجاري، على أمل استعادة الأداء المسجل ما قبل الأزمة.

وقد شهدت سنة 2020 ، التي اتسمت بتباطئ النشاط الاقتصادي على الصعيدين الوطني والدولي، انخفاضا في صادرات العديد من مكونات هذه المهن.

وبحسب أرقام مكتب الصرف، التي تعكس التأثير المتباين للأزمة على هذه القطاعات، بلغت القيمة الإجمالية لشحنات السيارات 72,716 مليار درهم بانخفاض بنسبة 9.3٪ . وتراجع قطاع الطيران الأكثر تضررا بنسبة 28.9٪، بالإضافة إلى تراجع في قطاعات النسيج والجلد بنسبة 19.2٪، والإلكترونيات والكهرباء بنسبة 0.8٪، في حين ارتفعت صادرات الفلاحة والصناعة الغذائية بنسبة 0.7٪.
وقد حققت جميع المهن العالمية تقريبا ارتفاعا، خلال الربع الأول من العام الجاري، على غرار قطاع السيارات، الذي بلغت قيمة صادراته 22,602 مليار درهم، مسجلا زيادة بنسبة 38.9٪. وهو تطور يعزى، بشكل رئيسي، إلى ارتفاع مبيعات قطاع البناء (+ 51.9٪)، وكذا قطاع الكابلات.

وفي ما يتعلق بمبيعات قطاع الإلكترونيات والكهرباء، فقد حققت قفزة بنسبة 21.5٪ . في المقابل، سجلت قطاعات أخرى انخفاضًا في مبيعاتها مثل النسيج والجلد (- 5.5٪) وقطاع الملاحة الجوية (-17.3٪) . ويعد هذا الأخير القطاع الأكثر مواجهة لصعوبات على مستوى التصدير بسبب تراجع أنشطة القطاع على الصعيد العالمي.

موازاة مع ذلك، تم الاحتفاظ بمعظم مناصب الشغل في هذه القطاعات. وكان وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، حفيظ العلمي، قد أكد، في دجنبر الماضي أمام البرلمان، أنه تمت استعادة أكثر من 96٪ من مناصب الشغل في مجال الصناعة.

وبحسب الوزير، فقد استطاع قطاع النسيج والملابس استعادة 94٪ من مناصب الشغل، بعد أن شهد تراجعا بأكثر من 40٪، في الوقت الذي تجاوز فيه قطاع السيارات 104 في المائة من مناصب الشغل خلال أكتوبر الماضي مقارنة مع السنة الماضية، في حين بلغت نسبة استرجاع مناصب الشغل، في مجال ترحيل الخدمات 99 في المائة، والكهرباء والإلكترونيك 97 في المائة، والكيمياء وشبه الكيمياء حوالي 96 في المائة.

جاذبية ثابتة

إذا كانت أزمة كوفيد- 19 قد أثرت على مبيعات هذه القطاعات الاستراتيجية، فإن جاذبية المغرب في هذا المجال ظلت ثابتة، كما يتضح من خلال تواصل الاستثمارات، واستقرار العديد من الشركات المصنعة العملاقة في المملكة، بالإضافة إلى المجموعات الكبرى العالمية الموجودة بالفعل في المملكة، مثل “رونو” و”بوجو ستروين” وغيرها من الشركات متعددة الجنسيات.
وقد أطلقت مجموعة “Stellantis” للسيارات (PSA سابقًا)، بتعاون مع “Cetiev”، الموقع الجديد للمركز التقني لصناعات معدات السيارات “CETIEV 2.0” في مجمع المراكز التقنية الصناعية في الدار البيضاء. وأجرى هذا الموقع، لأول مرة في المغرب، اختبارات مرتبطة بأنشطة تطوير السيارات والتحقق منها، والتي كان يتم إجراؤها سابقا في الخارج.

وقبل أيام قليلة، دشنت شركة “Clayens NP Morocco” عملية توسعة وحدتها الصناعية في المحمدية، المتخصصة في إنتاج الأجزاء المعدنية الدقيقة الموجهة لقطاعات السيارات والكهرباء والإلكترونيات.

ومؤخرا، كشفت مجموعة “رونو المغرب” النقاب عن سيارتين جديدتين من طراز “رونو”، وهي علامة ثقة من جانب هذه الشركة المصنعة في القدرة التنافسية والاستقرار اللذين تنعمان بهما المملكة.
ويبدو أن قطاع السيارات، الرائد في الاقتصاد الوطني والمصدّر الرئيسي بالمملكة، أمامه مستقبل واعد، بقدرة إنتاجية متوقعة بنحو 700 ألف سيارة بحلول سنة 2023، وفقًا لمجموعة من الدراسات.

ومن جانبه، أظهر قطاع الطيران صمودا قويا في مواجهة أزمة كوفيد- 19. وسجل القطاع، الذي يضم نحو 142 مقاولة، خسائر في مناصب الشغل بنحو 10٪ مقارنة بـ 43٪ على المستوى العالمي.

وفي هذا السياق، أكد حفيظ العلمي خلال لقاء مع مهنيي هذا القطاع، أن “الآفاق مثيرة للاهتمام”، مضيفا أن المغرب أبان عن صمود ومرونة خلال فترة الوباء، إذ استقبلنا مستثمرين دوليين واتفقنا معهم على توسيع استثماراتهم”.
بفضل الإرادة القوية على أعلى مستوى في الدولة، والدعم والمواكبة من الجهات المختصة التي تستمع دائمًا للمهنيين من خلال اعتماد استراتيجيات محددة بشكل جيد وبأهداف واضحة، يظل المستقبل مشرقا أمام هذه المهن العالمية التي تعتبر مصدر فخر للمملكة.

م ا ب

المرصد
الأسبوع