الليبية للاستثمارات الخارجية...أزمة الخلافات والفساد
بوابة إفريقيا الإخبارية أحمد نظيفبوابة إفريقيا الاقتصاديةتعــد المؤسسة الليبية للاستثمار، الغطاء الذي يجمع جميع الاستثمارات الليبية بالخارج والداخل، وتقدر قيمة أصولها بنحو 68 مليار دولار بنهاية العام 2015، ويتبعها نحو 550 شركة وتشمل أرصدة نقدية مجمدة تشكل نحو 50% من قيمة الأصول والباقي موجود في شكل استثمارات طويلة الأمد في عدد من المؤسسات الليبية، ويأتي 50% من هذه الاستثمارات في شكل صناديق ومحافظ استثمارية، أما النصف الآخر فتديره المؤسسة بنفسها وهو عبارة عن أرصدة نقدية وودائع لدي بنوك أجنبية واستثمارات في سندات وأدوات استثمارية ذات عوائد ثابتة.
وحسب بيانات ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية، بلغ إجمالي الاستثمارات الليبية في الخارج 255.8 مليار دينار أي ما يعادل 196.7 مليار دولار أمريكي حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2013.وتوجه الاستثمارات والأموال الليبية في الخارج على غرار نظيرتها العربية نحو قطاع العقارات والخدمات كالاتصالات والطاقة والمناجم، فحوالي 80% منها مستثمر في هذا القطاع، و9% في قطاع الصناعة، والباقي في قطاع الزراعة. إلى جانب الاستثمارات المختلفة بأسواق المال وسندات الخزانة.
غير أن هذه الأموال الضخمة لا يزال التساؤل يدور حول مصيرها، ونتيجة للأوضاع السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد، لا تزال هذه القضية يشوبها قدر كبير من الغموض. ففي 26 فبراير 2011، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1970، والذي تم بموجبه تجميد جميع الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية الليبية في أراضي الدول الأعضاء بالأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، بقيت السلطات الليبية تخوض معركة حامية لاسترداد هذه الأموال، لكن تواصل الانقسامات والصراعات الداخلية مازال يغلف المشهد داخل المؤسسة.
حكم بريطاني
في تطور جديد، أصدرت المحكمة التجارية الانجليزية في لندن، الأربعاء 25 مارس/أذار 2020،حكما نهائيا يقضي باعتبار مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار برئاسة علي محمود هو الممثل الشرعي الوحيد للمؤسسة في المملكة المتحدة، بموجب القانون الإنجليزي. ويأتي هذا الحكم بعد أن شكك الرؤساء السابقين للمؤسسة، بريش ودريجة ، وكذلك حسين رئيس مؤسسة الاستثمار التابعة للحكومة المؤقتة ، في شرعية مجلس ادارة المؤسسة الليبية للاستثمار وفي صحة تعيين علي محمود رئيساُ للمؤسسة الليبية للاستثمار.
وأوضح مسؤول العلاقات والاعلام بالمؤسسة أن الطعن والتشكيك من قبل السادة المذكورين في شرعية مجلس ادارة المؤسسة الليبية للاستثمار ورئيسها علي محمود، كان له آثار سلبية ومشاكل كبيرة واجهتها المؤسسة في التعامل مع البنوك والاطراف المقابلة والهيئات والمؤسسات الدولية، وآن هذا التقاضي لم يكن ضرورياً وغير مبرر فحسب بل تم استغلاله من قبل خصوم المؤسسة وسبب لها العديد من الخسائر وتكاليف قانونية باهظة.
وجاء في نص الحكم: "يعتبر مقدم الطلب من تاريخ هذا الحكم بأن تعيينه رئيسا للمؤسسة صحيحاً بناء على قرار مجلس الأمناء رقم 1 بالمؤسسة الصادر بتاريخ 15 يونيو 2017 على شرط أن هذا التعيين لا يتم إلغاؤه أو إنهائه إلى تاريخ صدور هذا الحكم".
كما أكد الحكم بأن لمقدم الطلب الحرية في تجديد طلب رفع الحراسة القضائية على القضايا المرفوعة نيابة على المؤسسة والأموال الخاصة بها على ألا يكون ذلك قبل 20 يوليو 2020 (تاريخ انتهاء المدة القانونية للدكتور علي محمود كرئيس للمؤسسة)، أو صدور حكم محكمة الاستئناف في لندن (في حالة تقدم الطرف الثاني بالاستئناف)، ولتجنب الشك تستمر الحراسة القضائية على القضايا المرفوعة نيابة على المؤسسة والأموال الخاصة بها بانتظار أي تجديد أو إلغاء الحراسة.
ورحب مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار بالحكم الصادر من القضاء الإنجليزي، والذي يؤكد على شرعية إدارة المؤسسة برئاسة علي محمود حسن، دون الإشارة إلى ترك القضاء الوطني واللجوء للدول الأجنبية في فض منازعات داخلية. وقالت المؤسسة، في بيان «نص الحكم على أن الدكتور علي محمود حسن قد أقام الدليل على سلامة وضعه القانوني وأنه حاليا هو المعين كرئيس لمجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار طبقا لأحكام القانون الليبي، وبذلك رفض القاضي دعاوي الأشخاص الذين ادعو أحقيتهم في رئاسة مجلس إدارة المؤسسة دون وجه حق".
ورحب مجلس إدارة المؤسسة بالحكم واعتبره ضامنا لمصالح الشعب الليبي، كما دعا الجميع إلى دعم الجهود المبذولة من مجلس إدارة المؤسسة وتمكينهم من مواصلة تنفيذ استراتيجية المؤسسة للتحول والحوكمة ومن مواصلة الجهود لرفع الحراسات القضائية واستلام الأصول وصونها وتنميتها بما يحقق مصلحة الشعب الليبي.
اتهامات متبادلة
وعلق رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار سابقاً محسن الدريجة، على قرار المحكمة البريطانية على شرعية أعضاء مجلس إدارة المؤسسة الليبية بالاستثمار، بقوله إن شرعية علي محمود وأعضاء المؤسسة هو حكم يصدر من قِبل القضاء الليبي وليس المحكمة البريطانية.
ونوه الدريجة بأن القاضي أنهى حكمه بالقول: "ليس من المعقول أن نأخذ في الاعتبار أن عضوية "على محمود" الحالية تنتهي في أقل من أربعة أشهر وتقوم المحكمة برفع الحراسة على الأموال، ولذلك وجب الاستمرار في الحراسة على الأموال مع الحرية لـ"علي محمود" إذا نصح بذلك بتجديد طلب رفع الحراسة، حتى إبراء ذمة الحراسة القضائية في موعد أقصاه 20 يوليو 2020 أو إصدار حكم محكمة الاستئناف في الاستئناف".
وأضاف الدريجة يقول: "أنا لست طرفا في الأحكام والقضايا السابقة ولن أكون طرفا في القضايا القادمة، إنما إدخالي في قضية حكم اليوم جاء من قِبل الحارس القضائي بعد علمه أن المحكمة العليا الليبية حكمت بنقض حكم محكمة الاستئناف الإداري كوني موظف عمومي تمت إقالته من وظيفة رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار بالمخالفة للقانون ومن اختصاص محكمة الاستئناف الإداري التعامل مع القضية".
وأشار إلى أن القاضي سبق وأن طلب بأن يبلغ بأي شخص لديه قضية تمس وظيفة رئيس مجلس إدارة المؤسسة فقرر بعد إبلاغه الاستماع لملابسات الحكم و دراسة آثاره.
وردا على تصريحات دريجة،قال مسؤول العلاقات والإعلام بالمؤسسة الليبية للاستثمار "لؤي القريو" أن محسن انتهت علاقته بالمؤسسة منذُ تاريخ انتهاء مهامه في 30 يناير 2013 وقد استلم تعويض مالي كبير بعد إنهاء مهامه وتم تكليفه مديرًا عامًا لمحفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار سنة 2014 وهي الفترة التي تعرضت فيها محفظة ليبيا أفريقيا للانقسام بين إدارتين في طرابلس وأخرى في مالطا، حيثُ استمر الانقسام لغاية أواخر 2017 بعد ما استطاع مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار برئاسة "علي محمود" توحيد إدارة المحفظة وبالتالي مارست المحفظة أعمالها من مقرها الرئيسي في طرابلس.
وأكد القريو أن الحكم كان واضحاً وصريحاً أن "علي محمود"، في نظر القصاء الإنجليزي ، هو رئيس مجلس الإدارة الشرعي والممثل الوحيد للمؤسسة اللييية للاستثمار، وأن له الحق في طلب رفع الحراسات بعد الانتهاء من الاستئناف الذي تم تقديمه للطعن في دستورية حكومة الوفاق أمام محكمة الاستئناف الإنجليزية، على حد تعبيره.وأضاف أن كل هذه الاستئنافات ستكون نتائجها الفشل نتيجة للاعتراف الصريح بمجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار برئاسة “علي محمود” التابعة لحكومة الوفاق من قبل الحكومة والمحاكم البريطانية وكذلك للثقة بالقضاء الإنجليزي العادل والذي سينظر لهذا الاستئناف بكل حيادية.
تفاصيل الخلاف
تأسست المؤسسة الليبية للإستثمار في 28 أغسطس سنة 2006، وتمت إعادة تنظيمها بموجب القانون (13) لسنة 2010 وهي صندوق الثروة السيادي الذي يدير ما قيمته 67 مليار دولار ويهدف إلى خلق وإيجاد مصادر متنوعة للثروة لصالح الأجيال المستقبلية لليبيا من خلال الإستثمار الخارجي برؤية مستدامة لتحقيق عوائد مالية مستقرة ضمن معايير المخاطر المحددة.
وتقوم المؤسسة على مجلس الأمناء وهو هرمها القيادي ويتكون من رئيس الوزراء للدولة الليبية، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، ووزير المالية، ووزارة التخطيط والاقتصاد، ويعتبر المجلس بمثابة هيئة إشرافيه تقوم بالعمل نيابة عن الجسم الديمقراطي المنتخب، ألا وهو مجلس النواب. أما بالنسبة إلى مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار، فيتم تعيينه من قبل مجلس الأمناء ويتكون من عدد سبعة أعضاء غير دائمين بما فيهم رئيس مجلس الإدارة.
وانعكس الانقسام السياسي، الذي تشهده ليبيا، على مؤسسات الدولة الاستثمارية، ولم تكن المؤسسة الليبية للاستثمار بمعزل عن هذا الانقسام، فمع وجود حكومتين، تحولت المؤسسة الليبية للاستثمار إلى مؤسستين،وتنازع حسن بوهادي رئاسة المؤسسة مع عبد المجيد بريش الذي تولى هذا المنصب منذ يونيو/حزيران 2013 أي قبل الانقسام السياسي في ليبيا.
وفي سبتمبر 2015،قال رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار المعين من طرف الحكومة المعترف بها دوليا، حسن بوهادي، إنه بدأ إجراءات في محكمة لندن التجارية، لتحديد الجهة التي يحق لها تعيين مجلس لإدارة أصول صندوق الثروة السيادي الليبي المقدر بـ 67 مليار دولار.وأضاف بوهادي في بيان أنه يجب توضيح الأمور فيما يتعلق بالسيطرة على الصندوق، وأنه من المنتظر أن تنظر المحاكم البريطانية في الطلب في بداية 2016.
وبعد الحكم الذي نطقت به محكمة الاستئناف في طرابلس و الذي أقرت فيه بأحقية عبد المجيد بريش في رئاسة المؤسسة الليبية للاستثمار التي تدير تسيير صندوق الثروة السيادية، في المقابل كان قد عين حسن بوهادي رئيسا للصندوق في شهر أكتوبر 2014 والذي تم من قبل مجلس الأمناء الذي يشغل أعضاءه كبار أعضاء مجلس النواب في طبرق.
وإلى غاية سبتمبر 2015 كانت الأمور عادية إلا أن قرر حسن بوهادي البدء في مباشرة اجراءات قانونية أمام المحكمة التجارية في لندن لتحديد من الشخص المسؤول الفعلي عن صندوق الثروة السيادية ، في نفس الوقت الذي يؤكد فيه عبد المجيد بريش أنه هو المسؤول عن تسيير المؤسسة، مما جعل الصراع بينهما يحتد بدرجة كبيرة على من المسير الحقيقي لهذه المؤسسة.
وفي أغسطس 2016، أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، الذي يتخذ من طرابلس مقرا له، قرارا بتشكيل لجنة تسييرية جديدة لإدارة المؤسسة برئاسة علي محمود حسن،وقد أعطاها صلاحيات واختصاصات مجلس الإدارة والمدير التنفيذي وكان في عضوية اللجنة كل من ( عبد العزيز خالد علي الهادي نجم الدين كعبار و خالد خليفة الطاهر أحمد عبدالله عمار) ومنع قرار التعيين اللجنة التسييرية للمؤسسة حينها من القيام بأي عمل من أعمال التصرف بأصول المؤسسة، ومنقولاتها.
لكن رئيسي المؤسسة، عبد المجيد بريش، وفوزي عمران فركاش، أصدرا بياناً مشتركاً، عبرا فيه عن رفضهما لقرار المجلس الرئاسي.وفي يناير 2017، أصدرت الدائرة الإدارية الثانية بمحكمة استئناف طرابلس حكما بوقف قرار المجلس الرئاسي بتشكيل لجنة تسييرية للإشراف على المؤسسة الليبية للاستثمار، وذلك بعد الطعن المرفوع من عبد المجيد بريش في قرار الرئاسي كونه جاء مخالفا للقوانين والتشريعات النافذة.
ورد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني على ذلك بإخطار جميع المؤسسات الحكومية بعدم التعامل مع بريش.وقال في بيان "حفاظًا على المال العام والمسؤولية القانونية الملقاة على عاتقنا، يُمنع التعامل مع أي شخص أو جهة لا تحمل صفةً قانونيةً وشرعية تنفيذًا لقرارات المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الصادرة بالخصوص".
وفي أغسطس 2018،تقدمت المؤسسة الليبية للإستثمار بطلب إلى المحكمة التجارية في لندن لرفع الحراسة القضائية المقامة على بعض من أصولها والاعتراف قضائيا بمجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار برئاسة علي محمود حسن.وأكّدت المؤسسة في بيانها أنّ "طلب إنهاء الحراسة القضائية وإعادة الأصول تحت سلطة مجلس إدارة المؤسسة الشرعي يتماشى مع جهود الأمم المتحدة لحماية ودعم المؤسسات السيادية المشروعة".
الصراع بين مديري المؤسسة تواصل،ففي فبراير 2019،قدم رئيس المؤسسة الليبية للاستثمار علي محمود حسن، شكوى إلى رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام، بحق رئيس مجلس إدارة المؤسسة السابق، عبد المجيد مهدي بريش.وبحسب بيان لحسن، جاءت تلك الشكوى نظراً لقيام الرئيس السابق بالاعتراض على تعيين مجلس الإدارة الحالي بشتى الوسائل، من خلال استخدام القوة المسلحة، ورفع الدعاوى القانونية.
وووفقاً لما ورد بالبيان، تكبدت المؤسسة الليبية للاستثمار خسائر فادحة نتيجة هذه المناكفات التي وصفها "بغير المبررة"، والتي كبدت المؤسسة نفقات باهظة لمواجهة اعتراضات بريش التي اتجه بها نحو القضاء الأجنبي، لاسيما المملكة المتحدة.وطالب رئيس المؤسسة في بيانه،قسم التحقيقات بمكتب النائب العام باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، حيال موضوع الشكوى المقدم.
فساد وخسائر
تحدثت تقارير اعلامية مؤخرا عن مساعي رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج لتنصيب رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات فيصل قرقاب، رئيساً للمؤسسة الليبية للاستثمار بدلاً من رئيسها الحالي حسن محمود،وذلك من أجل رفع تجميد أصول الشركات التابعة للمؤسسة الليبية للاستثمار والاستيلاء على أموالها وأصولها.
وحذر الناطق باسم قوات "بركان الغضب" عبد المالك المدني، رئيس المجلس الرئاسي وأعضاء الجمعية العمومية لمؤسسة الاستثمار من مغبة تعيين قرقاب، رئيسا للمؤسسة الليبية للاستثمار.وقال المدني، في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع "فيس بوك"، "لكي لا تضيع تضحيات الرجال بالثبات، لأننا لن نقف صامتين إزاء محاولة تنصيب فيصل قرقاب على رأس أكبر مؤسسة استثمارية في ليبيا، متهما قرقاب بالفساد".
واعتبر مراقبون أن مساعي السراج من شانها أن تضع المؤسسة الليبية محل تلاعب ومثار شك في حالات فساد غير مسبوق، لاسيما أن هذا المخطط تم الاتفاق عليه بعد رفض لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة لتوصية لجنة الخبراء بتجميد أصول الشركات التابعة للمؤسسة الليبية للاستثمار، إذ ينتظر أن تصبح بمثابة البوابة للتصرف في الأموال الليبية المجمدة والمقدرة بمئات مليارات الدولارات.
وفي تقريره للعام 2019، أوصى فريق الخبراء الأمميين بتجميد أصول الشركات التابعة لليبية للاستثمار إلا أن المؤسسة طالبت بعدم تنفيذ هذه التوصية.وقررت لجنة العقوبات بالأمم المتحدة خلال اجتماعها،الخميس 05 مارس/أذار 2020، رفض توصية فريق الخبراء التابع لها بشأن تجميد الأصول المملوكة للشركات التابعة للمؤسسة الليبية للاستثمار.
وتعليقا على ذلك،طالب رئيس تحالف القوى الوطنية محمود جبريل،الأمم المتحدة بعدم رفع التجميد عن أرصدة المؤسسة الليبية للاستثمار.وأوضح جبريل في رسالة وجهها جبريل إلى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش،أن طلبه هذا يأتي بناءً على الولاية التي عقدها مجلس الأمن لنفسه على ليبيا منذ عام 2011 بشأن حماية المدنيين في ليبيا، وما ترتب عليها من شمولية المسؤولية المترتبة على هذه الولاية.
وأعرب رئيس تحالف القوى الوطنية عن شعوره بالخطر الجسيم المحدق بمستقبل الليبيين وأجيالهم القادمة، ولما يمكن أن يترتب على رفع التجميد عن لعض الأصول الاستثمارية الليبية في الخارج، وذلك في غياب آليات فاعلة للرقابة والمحاسبة وإنفاذ القانون.ودعا محمود جبريل وبإلحاح، أمين عام الأمم المتحدة للتدخل مباشرة لمنع أي رفع للتجميد قد تجيزه لجنة العقوبات تحت أي مبرر، فذلك أمر تحتمه مسؤولية مجلس الأمن المنبثقة عن ولايته على ليبيا، وتتطلبه حالة الاستباحة الكاملة لحقوق الليبيين وأجياله القادمة بعد أن استبيحت دماؤهم وأرضهم، حسب قوله.
يُشار إلى أن رئيس المؤسسة الليبية للاستثمار السابق عبد المجيد بريش، قال في وقت سابق، إن أي رفع للتجميد عن أصول المؤسسة الليبية للاستثمار قد يعرض الأموال للخطر.وقال في مقابلة مع وكالة "رويترز" للأنباء: "لا تدعوا أحدا يعبث بالحسابات المجمدة،، ليس قبل أن يكون لدينا استقرار كامل".وأضاف أنه على أي إدارة لأموال صندوق الثروة السيادي يجب ألا تحدث "حتى يكون لدينا استقرار على الأرض وحتى يكون لدينا وحدة للبلاد،، قبل ذلك ستكون شيئا خطيرا جدا".
يشار إلى أن فائز السراج يتولى رئاسة مجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمار التي يقودها علي محمود، وكان السراج قد أصدر يوم 10 نوفمبر الماضي قرارا، يبطل فيه قرار علي محمود رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار بشأن تشكيل لجنة لإدارة محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار بعد أن أثار القرار حالة من الجدل بسبب ظهور عمليات فساد إداري ونسب بين المعينين وأصحاب دوائر الحكم في حكومة الوفاق وحدثت جلبة وردود أفعال كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعرضت المؤسسة الليبية للاستثمار التي تدير مليارات الدولارات في الخارج،للنهب والفساد جراء تدخل الجماعات المسلحة المتحكمة في العاصمة طرابلس، من خلال التعيينات التي تفرض بالقوّة، وفقا لما كشفه تقرير أممي حول ليبيا، شهر سبتمبر 2018.وأوضح فريق الخبراء المعني بليبيا في الأمم المتحدة، وجود انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان واختلاسات مالية ضخمة، وذلك بسبب تزايد تأثير المجموعات المسلحة على مؤسسات الدولة الليبية في إطار سعيها إلى تعزيز مصالحها المالية ونفوذها.
وكشف التقرير، عن تدخل "كتيبة النواصي" في أنشطة المؤسسة الليبية للاستثمار، التي أجبرت على تعيين أحد مرشحي الكتيبة في المؤسسة، بينما فرضت كتيبة "ثوار طرابلس" نقل مقر المؤسسة إلى مناطق نفوذها وبالتحديد بالمدينة السياحية بالعاصمة طرابلس، بعدما كانت تسيّر من مقرها ببرج طرابلس الواقع تحت سيطرة "كتيبة النواصي".
وتواجه الاستثمارات الليبية في الخارج، تحديات كبرى لعل أبرزها المحافظة عليها من التبديد والنهب، خاصة في ظل تصاعد مؤشرات وشواهد عدة تقطع بأن الأموال الليبية في الخارج تتعرض لضياع وقرار مجلس الأمن القاضي بتجميدها، أي منع التصرف فيها، يتم خرقه ولم يقم المجلس بما ينبغي لمنع الخروقات، وتعجز السلطات الليبية عن الدفاع عنها.
ففي أواخر 2018،أكدت وسائل الإعلام البلجيكية،سحب مبالغ من فوائد الأموال الليبية المجمّدة في بلجيكا،ونفت المؤسسة الليبية ذلك في بادئ الأمر لتعود عقب ذلك للاقرار أنها استلمت فوائد الأموال الليبية المجمّدة في البنوك البلجيكية حتى نهاية شهر أكتوبر 2017، لكنها اعترفت أنها لا تعلم مصير هذه الأموال والجهات التي استفادت منها.ثم عادت المؤسسة، لتؤكد إنها لم ترصد أيّ حالة من حالات إساءة استخدام فوائد الأموال المجمدة لدى مصرف "يوروكيلير" البلجيكي أو اختفائها.
تضارب بيانات المؤسسة الليبية للاستثمار،حسمه اعتراف الحكومة البلجيكية لأول مرة،في فبراير 2019 بتصرفها في فوائد الأموال الليبية المجمدة ببنوكها، وتحويل جزء منها لتسديد مستحقات وديون شركات ومؤسسات بلجيكية عاملة في ليبيا، وهو اعتراف وضع المؤسسة الليبية للاستثمار في موضع شك، بعد تأكيدها أن الأرصدة بحوزتها وزاد في تأكيد فرضية سوء استخدامها في ليبيا أو اختلاسها.
ومنذ سنوات واقتصاد ليبيا يعيش ظروفا سيئة ويمر بأزمات عدة وصلت حد التأزم وألقت بظلالها على المواطن مباشرة، في ظل غياب مؤسسات الدولة، وعجز السلطات المالية والنقدية عن إيجاد حلول للأزمات التي تعصف بالاقتصاد، ويرى مراقبون أن الأموال المجمدة هي الملاذ الأخير لمعالجة الأزمة الاقتصادية، إلا أن عدم حل المشكل السياسي يظل عائقا أمام الخروج من الأزمة الليبية.