توقّف الحركة التجارية بين تونس وليبيا... كيف تعيش مدينة بنقردان في ظل كورونا
بوابة إفريقيا الإخبارية - تقرير محمد بالطيب بنقردانبوابة إفريقيا الاقتصاديةفي مسافة تتجاوز 10 كليومترات على الطريق الرابط بين تونس وليبيا أو الطريق السيارة نحو تونس، يعترضك مشهد مئات المحلات المغلقة. لا باعة فيها ولا مشترين والحركة شبه منعدمة في مشهد غير مألوف في مدينة بنقردان التي تعيش هذه الأيام تحت تأثيرات فيروس كورونا في ظل إغلاق معبر رأس اجدير نهائيا أمام التجار الذين توجه الكثير منهم نحو مراكز الإعانة الاجتماعية للحصول على مساعدات خصصتها الدولة لهم ولغيرهم ممن ضاقت بهم السبل وتوقف مورد زرقهم.
قبل ما يقارب الشهرين اتخذت السلطات في تونس وليبيا قرارا بإغلاق المعابر والمطارات أمام حركة المسافرين ضمن إجراءات عالمية للحد من انتشار فيروس كورونا. ومن الطبيعي بالنسبة إلى السلطات في البلدين أن يغلق معبر رأس اجدير لاعتبارات كثافة المسافرين عبره، وأيضا بسبب بداية انتشار الفيروس والتخوفات من تنقّله أو دخوله من الجانبين، لكن هذا الإغلاق يعني أيضا إغلاق مورد رزق الألاف من العائلات من بنقردان وغيرها، حيث كان أبناؤها يعتمدون على ما يشتغلونه من التجارة مع ليبيا ولا بدائل لهم في ظل توقف كل الأنشطة الاقتصادية، وأيضا في ظل غياب أي بديل داخلي يمكن أن يعوّض توقف الحركة التجارية، فوجدوا أنفسهم عاطلين ينتظرون وسط عشرات الطوابير المساعدات البسيطة التي تقدّمها الدولة والتي لا تكفي الاحتياجات البسيطة خاصة أن الحالة تزامنت مع بداية شهر رمضان الذي تكثر فيه المصاريف.
وعلى الرغم من أن المعبر الحدودي بين البلدين عرف الكثير من التقلبات في السابق وكانت الحركة تتوقف فيها في مرات عديدة، لكن التوقف هذه المرة كان مفاجئا وليست هناك إمكانية لفتحه في ظل الظروف الحالية، مما يجعل أولئك التجار في وضع المنتظر الذي لا يعرف مصيره ومصير أولاده، فرغم التراجع الكبير لعدد الإصابات في تونس وضعفها في ليبيا، إلا أن أفق استعادة الحركة البينية إلى وضعها الطبيعي مازال بعيدا وليس هناك أي حديث على مستوى شعبي ولا على مستوى رسمي عن فتح المعبر وحتى تخفيف الإجراءات التي تتحدث السلطات التونسية خاصة عن اتخاذها في المرحلة المقبلة قد تشمل فتحا تدريجيا للملاحة الجوية واستبعاد أي إمكانية قريبة لفتح المعابر الجوية التي تكون إمكانية الرقابة الصحيّة فيها صعبة بعض الشيء.
ويعتبر التجار في مدينة بنقردان أن تواصل الحال على ما هو عليه الآن سيتسبب في أزمة معيشية عميقة بالنظر إلى أن أغلب العائلات تعيش على الدخل اليومي المتأتي من التجارة مع ليبيا وبالتالي لا أحد يعرف مستقبله في ظل الإمكانيات الضعيفة للدولة والتي لا تسمح لها بتغطية احتياجات الناس، وحتى الإجراءات الاجتماعية المتخذة أولا ليست دائمة وثانيا لا يمكنها أن تكفي مصاريف عائلة متوسطة الأفراد.
كما يرى أولئك التجار أن الأزمة الحالية يجب أن تكون فرصة للدولة للبحث عن بدائل تنموية عاجلة لكي لا تتكرر مثل هذه الوضعية في المستقبل على اعتبار أن المدينة تعتبر من بين الأقل حظا في المشاريع الكبرى رغم الكثافة السكانية وامكانيات الاستثمار المتاحة فيها.
المشهد الذي تعيشه مدينة بنقردان غير مألوف. لم تعرف المدينة مثل هذا الركود في السابق. في ما مضى لم تغلق المحلات التجارية بمثل هذه الطريقة حتى في قلب الأزمات في المعبر، وكانت هناك على الأقل حركية بسيطة بينها وبين مدن الداخل التونسي، ولكن في ظل اتخاذ اجراءات الحجر ومنع الجولان بسبب فيروس كورونا، توقفت كل الأنشطة التجارية الأمر الذي قد يحدث إشكالا وغضبا سيمثل بالتأكيد حرجا كبيرا للسلطات المحلية التي تقف اليوم أمام عديد الطلبات لن تقدر على تلبيتها كاملة بكل تأكيد.