إيقاف إنتاج النفط في ليبيا... حسابات السياسة والأمن تربك الاقتصاد
بوابة إفريقيا الإخبارية - تقرير شريف الزيتونيبوابة إفريقيا الاقتصاديةقالت المؤسسة الوطنية للنفط في آخر بيان لها إن إغلاق الموانئ النفطية تسبب في خسائر مالية تجاوزت 3,957,326,455 دولار أمريكي منذ 17 يناير 2020 تاريخ قيام رجال قبائل موالين للجيش الليبي بإيقاف مصادر الإنتاج في شرق البلاد وهي مواقع الإنتاج الرئيسية احتجاجا على سوء تصرف حكومة الوفاق في عائدات النفط.
البيان الذي أوضحت فيه المؤسسة أن المستوى الحالي لإنتاج النفط في ليبيا بلغ 89,933 برميل في اليوم بحلول يوم الأحد 5 أبريل سبق وأن ذكرت في بيانات سابقة له بتاريخ 3 أبريل الماضي أن 78.49 مليون برميل هي الخسارة الجملية لعملية الإيقاف، بالإضافة إلى أن المحروقات في بعض مستودعات التخزين توشك على النفاد، وأن مستودعات طرابلس وبعض المناطق المحيطة بها والمناطق الجنوبية أصبحت تعاني نقصا في الإمدادات.
هذه الأرقام بقدر ما تعبّر عن معطيات علمية وإحصائية بقدر ما تقدّم صورة عن الحالة الصعبة التي عليها البلاد. فعملية الإيقاف رغم واقعية مطالب القائمين بها ورغم الاحتجاجات على السراج ومن معه في طرابلس على سوء تصرّفهم في العائدات، لكنها تطرح سؤالا عن المدّة التي ستستمر على ضوئها الأوضاع في وقت البلاد فيه أجوج ما يكون لموارد تعالج بها ملفات كثيرة راكدة وملف جديد وافد وهو ملف كورونا الذي يحتاج بدوره ميزانية خاصة لمواجهته.
في منتصف شهر مارس وكمحاولة من المؤسسة للضغط لفتح الموانئ عن اتخاذها لتدابير تقشفية "نتيجة تواصل اغلاق المنشآت النفطية، وحيث لم تستلم المؤسسة ميزانية العام 2020، ما سيجبرها الحد من المصاريف غير الضرورية، نتيجة تراجع إيرادات النفط"، ومن بين الإجراءات المتخذة وقتها تجميد بعض العقود أو ارجاءها، ووقف صرف أجور ساعات العمل الإضافي، وتقليص بعض الخدمات إلى جانب بعض الإجراءات الأخرى، الأمر الذي يفتح إشكالات أخرى اجتماعية بالأساس باعتبار أن عائدات النفط هي الممول الأساسي لاحتياجات المواطنين سواء في عملية الدعم وتوفير المواد الأساسية سواء في مرتبات موظفي الدولة.
مؤسسة النفط المعني الأول بالتطورات الحاصلة دائما ما تقفز إلى خطابها المكرر وهو أن إغلاق المنشآت غير قانوني وكانت له تأثيرات قاسية على اقتصاد البلاد أهمها مضاعفة توريد المحروقات لكي تتمكّن من توفير الاحتياجات الأساسية للشعب الليبي. لكن المؤسسة مازالت تتهرب من الإفصاح بأن الإشكال في البلاد سياسي وأمني. سياسي أن هناك عجزا عن تحريك المسار لا بين الليبيين أنفسهم ولا حتى من خلال الضغط الدولي. وأمني في ظل تواصل انتشار المليشيات في العاصمة بما يعطّل أي محاولة لاستعادة الحوار المتعطل منذ أكثر من وليست هناك أي أفق لحلحلته.
ربما تخفف من حدة ما ذكر الأخبار اليومية عن تراجع أسعار النفط في السوق العالمية، بما يعني تقليص الخسائر في ليبيا، لكن البلاد في الأخير مركز أساسي للإنتاج وقبلة أسواق خارجية وكل إيقاف هو خسارة دون شك، وأول تأثيراتها تكون على المواطن الذي بقي ينتظر خلال سنوات "الثورة" أن تصبح تلك الثروة جنّة تغيّر وجه البلاد لكن ما يحصل بعدها يشير إلى أنها تقرب أن تكون نقمة باعتبارها أصبحت سببا في الاقتتال والتحارب الأهلي وسببا في انقسام السلطة على طرفي البلاد شرقا وغربا.
الإشكالات الداخلية وعدم المبالاة الخارجية من قوى الضغط وكأن العالم مستمتع بما يحصل في الساحة الليببية، عوامل تبعث على القلق في فترة وضع العالم اليوم نصب أعينه خيارا واحد يهدد البشرية وهو فيروس كورونا. وعلى الرغم من أن المشهد مكشوف لكل متابع؛ خيوط الإدانة واضحة، وخيوط التقصير واضحة، لكن لا حكم ينهي المشكل ولا أخ ينصح بالحسنى، ووسط كل ذلك شعب ليبي يئن تحت صوت الحرب وتحت كابوس إهدار المال، الأمر الذي يفرض لحظة أخلاقية تتجاوز السياسي إلى ما ينفع الناس.