صندوق النقد الدولي يرسم صورة قاتمة للاقتصاد التركي
بوابة إفريقيا الاقتصاديةعلى خلاف ادعاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن اقتصاد بلاده لايزال قويا، رسم صندوق النقد الدولي اليوم الاثنين صورة مناقضة تماما، مؤكدا أن تركيا لا تزال عرضة لمخاطر خارجية ومحلية، مضيفا أنه سيكون من الصعب تحقيق نمو قوي ومستدام إذا لم تنفذ الحكومة المزيد من الإصلاحات.
وأوضح في بيان بعد زيارة فريق من خبراء الصندوق إلى تركيا أن "الهدوء الحالي في أسواق المال التركية يبدو هشا. لا تزال الاحتياطيات منخفضة في حين لا يزال الدين الأجنبي للقطاع الخاص واحتياجات التمويل الخارجي مرتفعين".
وقال الصندوق إن التحدي الرئيسي في ما يتعلق بالسياسات يتمثل في تحويل التركيز من النمو القصير الأجل إلى نمو أقوى وأكثر مرونة في الأجل المتوسط.
ورأى أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال تنفيذ خطة من خمسة محاور أولها سياسة نقدية مشددة لتعزيز مصداقية البنك المركزي ودعم الليرة وخفض للتضخم بشكل دائم وزيادة الاحتياطيات وأيضا خطوات لتعزيز المالية العامة في الأجل المتوسط وتقييم شامل للأصول المصرفية واختبارات جديدة لقدرات البنوك على تحمل الصدمات ينفذها طرف ثالث مع إجراءات للمتابعة عند الحاجة، لتعزيز الثقة في البنوك.
يضاف إلى ذلك محور اتخاذ خطوات إضافية للبناء على الإصلاحات القائمة، لتعزيز إطار إفلاس وإعادة هيكلة الشركات وإجراء إصلاحات هيكلية مركزة لدعم نمو الإنتاجية وزيادة المرونة الاقتصادية.
وكان يمكن أن تكون هذه الخطوات ممكنة لو كان نظام الحكم في تركيا يأخذ في الاعتبار العوامل الموضوعية لإخراج البلاد من الأزمة، فالرئيس التركي يصرّ على فرض إرادته على كل مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات النقدية.
كما أن تدخلاته المستمرة في السياسة النقدية أضعفت الليرة وقادتها مرارا إلى التدهور بدفع من معركة خفض قيمة الفائدة التي يخوضها أردوغان منذ أشهر.
وخلقت تدخلات الرئيس التركي أيضا مناخا من عدم الثقة وحولت تركيا إلى طاردة للاستثمار وأشاعت مخاوف في الأسواق.
وتدفع تركيا اليوم فاتورة تدخلات أردوغان في شؤون الدول وقيادته مشروع جماعات الإسلام السياسي.
وتوقع محللون وخبراء اقتصاد أن يفشل الرئيس التركي في بلوغ هدفه بتحقيق نمو اقتصادي بنحو 5 بالمئة في 2020، وفق صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية.
ومارس أردوغان ضغوطا شديدة على البنك المركزي لخفض نسبة الفائدة معتبرا أنها سبب كل الشرور الاقتصادية وأنها السبب في ارتفاع معدل التضخم فيما يؤكد خبراء أن علّة الاقتصاد التركي هي في نخبته الحاكمة.
ويظهر أن الرئيس التركي يعيش في جزيرة منعزلة بالحديث عن صمود اقتصاد بلاده في وقت تتحدث فيه كل التقارير والمؤشرات عن أزمة خانقة ستؤثر على الوضع الاجتماعي لملايين الأتراك.
وقال أردوغان في كلمة له السبت، أثناء حضوره مهرجان "تكنوفيست" لتكنولوجيا الطيران والفضاء، المقام في مدينة إسطنبول إن اقتصاد بلاده "ما زال صامدا بقوة رغم كل الهجمات التي تعرضنا لها".
وعد الرئيس التركي ما اعتبره انجازات في عهده سواء تعلق الأمر بالتطور التكنولوجي أو الاستثمار أو الابتكار والتطوير مبينا أن حكومات حزب العدالة والتنمية حطمت سلاسل التخلف واحدا تلوا الآخر، وقدمت خدمات للبلاد منذ 17 عاما وحققت إنجازات كبيرة في مختلف المجالات.
لكن حديث أردوغان يخالف ما نشرته التقارير الدولية حول المشاكل والكبوات التي يعاني منها الاقتصاد والتي أثرت على المقدرة الشرائية للمواطن.
وآخر هذه الكبوات هو إعلان هيئة الإحصاء التركية الاثنين ارتفاع نسبة البطالة في يونيو/حزيران الماضي بنسبة 2.8 بالمئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، لتصل إلى 13 بالمئة.
ونقلت وكالة الأناضول التركية عن الهيئة أن عدد العاطلين عن العمل، في المرحلة من 15 عاما فأعلى، ارتفع في يونيو/حزيران على أساس سنوي بواقع 938 ألفا ووصل إلى أربعة ملايين و253 ألفا.
وأوضحت البيانات أن نسبة البطالة ارتفعت في يونيو/حزيران بنسبة 0.2 بالمئة مقارنة بمايو/ايار الماضي حيث أوضحت أن البطالة في صفوف الشباب، سجلت 24.8 بالمئة بارتفاع نسبته 5.4 بالمئة.
وبالتالي يشهد الاقتصاد التركي في ظل المؤشرات التي تنذر بانهيار قريب، انكماشا غير معهود في السنوات الأخيرة، حيث تناقض الأرقام السيئة المستمرة ما يروج من أرقام مضللة بأن تركيا من أكبر اقتصادات العالم.
وبخلاف ما يتحدث عنه أردوغان والقادة الأتراك يسجل اقتصاد تركيا انحدارا حادا مقارنة بالسنوات الماضية وآخر التطورات السلبية الرفع في أسعار البنزين.