تقارير

عيد العمّال في لبنان: لا وظائف ولا حقوق

بوابة إفريقيا الاقتصادية

على التقويم الشرقي، يشهد لبنان عطلة الفصْح الرسميّة، بمؤازرة من عيد العمّال الذي حلّ هذا العام «عاطلاً عن العمل» ومفتقداً العملة، في ظلّ الانهيار المحكم وناقوس الخطر الآتي بعد أسابيع معدودة، عندما ينتهي الاحتياط ويُرفع الدعم عمّا تبقّى من معيشة اللبنانيّين. وفي المقلب الآخر من الصورة، البطالة تمدّدت لتشمل «مصانع» التأليف في القطاع الحكومي، إذْ إنّ كلّ جهود اليد العاملة التي بُذِلت لم تنتج حتى الساعة أيّ خطوط، ولم تنسج أيّ بوادر اتفاق من الممكن أن يؤدّي إلى أن تبصر الحكومة النور.

ومن وحي الواقع، سادت حالة من الجدل الواسع في لبنان، بشأن الاحتفال بعيد العمّال أو بعيد «العطالة من العمل»، فتداول نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي منشورات نعت العيد التقليدي، وعبّروا فيها عن أنّ «عيد البطالة» هو «عيد الأكثريّة» الأقرب إلى الواقع، وأنّه لم تعد المطالبة بحقوق العامل اللبناني أولويّة بقدر ما صار «توفير فرص العمل» مطلباً أساسياً. وفي المنشورات أيضاً، طغت ثلاثيّة «البطالة والفقر والغلاء» صيغة بديلة عن معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» التي كانت ترد في أكثر من بيان وزاري، وذلك من بوّابة كوْن المعالجات لا تزال قاصرة عن إيجاد الحلول للأزمات التي تتوالد وتتكاثر بسرعة، أو على الأقلّ ما زالت على الورق بانتظار التحرّك.

من جهتهم، طالب لبنانيون على اختلاف توجّهاتهم السياسيّة، بإضراب عام يشمل كلّ عمال لبنان، ويطالب بخفض أسعار المحروقات ومراقبة أسعار السلع الغذائية وغير الغذائية، تلك التي تخضع للمنافسة، وتلك التي يحكمها الاحتكار، واستخدموا عبارات «الإضراب المفتوح» و«ضدّ كلّ الزعماء والنوّاب والوزراء». ويبقى الاعتصام أو التظاهر لأجل المطلب الاجتماعي مرجأً، ما دامت الحلول الجزئيّة تحكم الدولة العاجزة عن التشكّل، فكيف بإيجاد الحلول لمشكلات مواطنيها؟!

ووسط تكاثر الملفّات الضاغطة، حيوياً وأمنياً واقتصادياً وسياسياً، وارتفاع نسب البطالة إلى أرقام قياسيّة غير مسبوقة، احتفل عمّال لبنان، أمس، بعيدهم وقد أصبح قسم كبير منهم عمالاً بلا عمل، وتحوّلت ذكرى 1 مايو إلى ذكرى مشوبة بالخوف على المصير والقلق من الغد، في وقت لا يزال فيه بلدهم يرسو على متابعات ملفّ تأليف الحكومة الجديدة. ذلك أنّ معدّلات الفقر والجوع والبطالة ارتفعت إلى مستويات قياسيّة، إذْ هناك من خسر وظيفته نهائياً، وبعض الإدارات اعتمدت خطّة حسْم نسب تصل إلى 50% من رواتب موظّفيها مع منْحهم إجازات طوعيّة غير مدفوعة الأجر، وسار القسم الأكبر من المؤسّسات باتجاه إلغاء المكافآت، فيما سدّدت أكثرية الشركات رواتب موظّفيها بالعملة الوطنية وفق سعر الصرف الرسمي (1515 ليرة لبنانيّة) في وقت يزيد سعر الصرف في السوق الموازية على 12 ألف ليرة، ما أفقد المعاشات قيمتها.

وفي السياق، تجدر الإشارة إلى ارتفاع نسبة البطالة، متخطيةً عتبة 40%، ما يعني انضمام أكثر من 200 ألف عامل جديد إلى خانة العاطلين عن العمل. أمّا أسباب ارتفاع معدل البطالة، فتعود إلى فقدان الناس أشغالها أخيراً بسبب انخفاض الإنتاج، وخسارة الاقتصاد ما لا يقلّ عن 120 مليون دولار، بالإضافة إلى القطاع التجاري الذي تكبّد خسائر تصل إلى 10 ملايين دولار.

المرصد
الأسبوع