الاقتصاد الليبي

الإقتصاد الليبي... محاولات إصلاح متعثرة

بوابة إفريقيا الاقتصادية

عاش الاقتصاد الليبي سنوات عجاف دار خلالها في متاهات التعقيدات السياسية والخلافات والصراعات التي تكرست في البلاد عقب إندلاع الأزمة فيها في العام 2011،حيث تسببت الانقسامات السياسية والخلافات حول شرعية إدارة مؤسسات الاقتصاد، ولاسيما المصرف المركزي،فى تردى الوضع المالي للبلاد ومعاناة المواطنين.

إلى ذلك،وفي تطور جديد،أعلن المصرف المركزي الليبي، الأربعاء 16 ديسمبر 2020، توحيد سعر صرف الدينار مقابل الدولار كخطوة أولى في الإصلاحات الاقتصادية.واعتبرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا قرار توحيد سعر صرف الدينار الليبي في البنوك خطوة مهمة ومطلوبة نحو التخفيف من معاناة الشعب الليبي وعلامة جيدة على أن هذه المؤسسة السيادية والحيوية متجهة نحو الاتحاد.

وأشادت البعثة بقرار مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، توحيد سعر صرف الدينار الليبي.وشددت على أن الوقت الآن مناسب لجميع الليبيين،لا سيما السياسيين الفاعلين في البلاد،لإبداء شجاعة وتصميم وقيادة مماثلة ووضع مصالحهم الشخصية جانباً وأن يتجاوزوا خلافاتهم من أجل الشعب الليبي بهدف استعادة سيادة البلاد والشرعية الديمقراطية لمؤسساتها.

وأعلن المصرف المركزي في طرابلس عن تعديل سعر صرف الدينار مقابل الدولار بقيمة 4.48 مقابل الدولار الواحد. والسعر السابق كان يبلغ 1.4 دينار مقابل الدولار الواحد.وأضاف المصرف المركزي أن "هذا التعديل سيدخل حيز التنفيذ في الثالث من يناير 2021، وسيكون متاحاً لجميع الأغراض الحكومية والتجارية والشخصية".

وفي السنتين الأخيرتين كان في ليبيا سعرا صرف رسميان: الأول 1.40 دينار في مقابل الدولار الواحد، مخصص حصراً للأغراض الحكومية، والثاني حدد في 3.9 دينار للأغراض التجارية والشخصية.وجاء تعديل سعر صرف الدينار في أول اجتماع موحد لمجلس إدارة البنك المركزي الليبي منذ ستة أعوام.

واتخذ القرار بعد ضغوطات محلية ودولية على البنك المركزي بضرورة توحيد السعر، للحد من عمليات الفساد المالي، وغسل الأموال من أطراف ليبية تهرب الدولار للخارج، مستغلة الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، الذي تخطى قبل أيام حاجز سبعة دنانير.

ويوجد في ليبيا مصرفان مركزيان الأول في طرابلس، ويعترف به المجتمع الدولي وتذهب إليه إيرادات النفط حصرا، والثاني في شرقي البلاد.وقوبل القرار الأخير بدعم دولي حيث أعربت سفارة كندا في ليبيا عن ثنائها ودعمها على البنك المركزي في اتخاذ هذه الخطوة المهمة نحو ليبيا أكثر أمناً واستقراراً وازدهاراً ، لما فيه مصلحة الشعب الليبي.

كما رحب السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر اوفتشا بالتقدم التدريجي في هذه المحادثات الاقتصادية الليبية الداخلية متمنيا بشكل خاص التوصل إلى اتفاقيات حول إصلاح سعر الصرف الأجنبي في اجتماع مجلس مصرف ليبيا المركزي.

وبدوره،أكد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، السفير خوسيه ساباديل أن الاجتماعات الاقتصادية في جنيف تهدف لإيجاد حلول لتحسين حياة المواطنين، بما في ذلك من خلال توحيد سعر الصرف وتعزيز الحصول على النقد.

وقال عبر حسابه على تويتر أن ذلك يجب أن يؤدي إلى توحيد الميزانية والمؤسسات، مشيرا إلى أن النفاذ إلى عائدات النفط المجمدة ضروريًا لتحسين الخدمات المسداة لجميع الليبيين، بما في ذلك خدمات الصحة والكهرباء والماء؛ ولكن يجب أن يتم ذلك بطريقة لا تزيد من الفساد و لا تؤجّج الصراع. هناك حاجة إلى إحداث تغييرات مؤسسية كبيرة.

وشدد أن الخبراء الاقتصاديون والعسكريون ورؤساء البلديات وزعماء القبائل والنشطاء والمجتمع المدني المجتمعين في المسارات المختلفة يعملون لبناء توافق في الآراء على المسار نحو التغيير الذي يطالب به الشعب الليبي.مشيرا الى "أنه سيكون من الحكمة أن يحذو السياسيون حذوهم.. هذه الفترة هي فترة التوافق و الشجاعة".

ويعد اجتماع المصرف الليبي المركزي بكامل أعضائه لأول مرة منذ خمس سنوات وقرار توحيد سعر صرف الدينار الليبي، إحدى ثمار اجتماعات المسار الاقتصادي الليبي المنبثقة عن مؤتمر برلين الخاص بليبيا، والتي جرت في جنيف.وقالت البعثة الأممية، في بيان لها، إن المشاركين توصلوا إلى استئناف مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي اجتماعاته المنتظمة اعتباراً من 16 ديسمبر/كانون الأول، على أن يتم توحيد سعر الصرف بغية ضمان استقرار أكبر للعملة الليبية ومكافحة الفساد.

وفي المقابل،واجه قرار مصرف ليبيا المركزي بتغيير سعر الصرف للدينار أمام الدولار،انتقادات ومخاوف من تأثيراته على حياة المواطن مباشرة.واعتبر رئيس لجنة أزمة السيولة بمصرف ليبيا المركزي التابع للحكومة المؤقتة، رمزي رجب الأغا، إن "الصيغة التي أعلن بها، تعديل سعر الصرف كانت بعيدة عن روح التفاؤل والإيجابية، لدى المواطن وشابها كثير من الغموض".

وأكد الآغا في تدوينة على موقع فيسبوك، إن سعر الـ4.48 دينار ليبي مقابل الدولار هو سعر البداية، مبينا أنه سيتم انخفاضه تدريجيا خلال مدد زمنية ليست بالطويلة وفق إجراءات ومتابعة للوصول إلى السعر النهائي.وأكد أنه سيتم ضخ العملة لجميع المصارف دون قيود تعجيزية، تمكّن المصارف من فتح الاعتمادات وبيع العملة للأغراض الشخصية بكل سهولة ويسر".

ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن الخبير الاقتصادي عمر رشوان،قوله إن "آثار انعكاسات هذا القرار سيكون من نتائجها أن أغلب التجار ورجال الأعمال سيتوجهون بسرعة إلى التخلص من الدينار الليبي وسحب الدولار من السوق".وأضاف، أن "هذا الأمر يعود إلى الرغبة من أجل التخلص من الدينار"، مبينا بأن سبب ذلك يرجع إلى فقد القوة الشرائية الفعلية للدينار أمام الدولار".

وأشار الخبير الاقتصادي الى أنه "حتى وإن توافرت السيولة بالعملة المحلية، فهي لن تصطدم بمشكلة فقدان القيمة الشرائية للدينار، بالإضافة إلى أن التغيير الحالي في سعر الصرف جعل الدخل الشهري والسنوي للمواطن الليبي يهبط بشكل لم يسبق له مثيل، وبالتالي سيدخل المواطن في أزمة اقتصادية جديدة".

وتواصل احتياطات النقد الأجنبي الليبي منذ العام 2013 في الانحدار، وسجلت خسائر بقيمة تخطت 140 مليار دولار، بسبب الإغلاق المتكرر للحقول والموانئ النفطية وانخفاض أسعار النفط دوليا.وكان قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، أعلن في سبتمبر الماضي، إعادة فتح المنشآت النفطية في البلاد "مع كامل الشروط والتدابير اللازمة" والضامنة لتوزيع عادل لعوائده المالية، وذلك بعد إغلاق دام ثمانية أشهر.

وشهدت ليبيا في الفترة الماضية،أسوأ أزمة إقتصادية في تاريخها حيث بات إقتصادها على شفا الانهيار،وذلك جراء الإنقسامات والصراع الدائر فيها.وتسببت الخلافات السياسية حول شرعية إدارة مؤسسات الاقتصاد، لاسيما المصرف المركزي،فى تردى الوضع المالي للبلاد ومعاناة المواطنين.ويؤكد الخبراء على ضرورة إنهاء الانقسام في إدارة المصرف لوضع آليات معالجة الأزمة المالية الخانقة.

المرصد
الأسبوع