الاقتصاد الليبي

عودة إنتاج النفط ... بوابة لانتعاش الإقتصاد الليبي المتهالك

بوابة إفريقيا الاقتصادية

يتعرض قطاع النفط في ليبيا إلى مشاكل وصعوبات متزايدة، تنذر بوضع القطاع الذي يعدّ مصدر الدخل الوحيد للبلاد على حافة الإفلاس. ففي ظل الأوضاع المضطربة التي تمر بها البلاد،باتت انتعاشة هذا القطاع الحيوي مرهونة بمدى قدرة الفرقاء على إجتياز مأزق الإنقسام بناء دولة قادرة على تجاوز العقبات وتحقيق المكاسب.
وقد شهدت الساعات القليلة الماضية خطوة إيجابية في إتجاه عودة إنتاج النفط تدريجيا إذ
أعلن قائد الجيش الليبي الجمعة الماضي في كلمة متلفزة، رفع الحصار عن المنشآت النفطية واستئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي بعد أكثر من 240 يوما من الإغلاق.
وفي بيان، أعلن المتحدث باسم الجيش الليبي أنه "تقرر استئناف إنتاج وتصدير النفط"، وقال حفتر: "نحن جاهزون لفتح حقول النفط لتأمين مستقبل ليبيا مدة شهر واحد".
وسمحت المؤسسة باستئناف العمليات في مينائي الحريقة والبريقة في أعقاب إغلاق استمر ثمانية أشهر لمعظم المنشآت النفطية في ليبيا.
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا الثلاثاء عن رفع حالة القوة القاهرة في ميناء الزويتينة النفطي في شرق البلاد بعد إجراء تقييم أمني للوضع في الميناء والحقول المتصلة بعد الاتفاق المبرم بين قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر وأحمد معيتيق نائب رئيس حكومة الوفاق الذي ينص على استئناف إنتاج وتصدير النفط.
وقالت المؤسسة في بيان إنها تعكف على تقييم الوضع الأمني في مواني وحقول نفطية أخرى و قد خلصت الى أن هناك تحسنا كبيرا في الوضع الأمني الأمر الذي ​​يسمح باستئناف الإنتاج والصادرات للأسواق العالمية.
ولفتت المؤسسة إلى أن "موانئ الحريقة، والبريقة، والزويتينة (شرق) تصنف موانئ آمنة، وجاري تقييم باقي الحقول والموانئ النفطية، وفق معايير الأمن والسلامة المهنية المعمول بها في قطاع النفط الوطني.
وفي بيان، توقعت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أن يصل إجمالي إنتاج النفط في البلاد إلى نحو 260 ألف برميل يومياً الأسبوع المقبل. وأوضحت أن ناقلات ستصل تباعاً اعتباراً من الـ23 من سبتمبر لشحن المتاح من الخام في الخزانات في ميناءي الحريقة والبريقة خلال الساعات الـ72 المقبلة، ثم من بقية الموانئ الآمنة في الأيام القليلة المقبلة.
وهبطت أسعار النفط صوب 42 دولاراً للبرميل، متأثرة بالعودة المحتملة للإنتاج الليبي المتوقف فعلياً منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وذلك في الوقت الذي يفاقم فيه ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا المخاوف حيال الطلب العالمي. ووفق وكالة رويترز، قالت ثلاثة مصادر في "أوبك" إن "تقييم الوضع سيستغرق وقتاً".
وأمس، سجلت أسعار النفط مستوى 42.82 دولار للبرميل، وذلك لخام القياس العالمي برنت، منخفضاً بمقدار 33 سنتاً، أو ما يوازي 0.8 في المئة، وسجل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي مستوى 40.73 دولار للبرميل، منخفضاً بمقدار 38 سنتاً أو ما يوازي 0.9 في المئة.
ويمثل النفط ما بين 93 إلى 95 في المئة من إجمالي الإيرادات الخاصة بالموازنة الليبية، كما أنه يغطي نحو 70 في المئة من إجمالي الإنفاق، ولذلك توقعت الحكومة الليبية أن تواجه عجزاً مالياً كبيراً في الموازنة، بسبب وقف الإنتاج منذ بداية العام الحالي. وخلال العام الماضي بلغت عائدات ليبيا من بيع النفط نحو 22.5 مليار دولار.
وقبل الحصار، كانت ليبيا تنتج نحو 1.2 مليون برميل يومياً، وهو رقم أقل بكثير من 1.6 مليون برميل يومياً كانت ليبيا تضخها قبل انتفاضة 2011 ضد حكم معمر القذافي، لكنه يظل أعلى من معظم الفترات منذ إطاحته. وتملك ليبيا أضخم احتياطيات نفطية مؤكدة في أفريقيا، وهي مورد مهم للخام الخفيف منخفض الكبريت.
وتشير بيانات منظمة الدول العربية المنتجة النفط "أوابك"، إلى أن إجمالي احتياطي الدول العربية من النفط بلغ 716.38 مليار برميل، بينما تحتل ليبيا المرتبة الخامسة عربياً باحتياطي يصل إلى 48.36 مليار برميل.
وأشارت إحصاءات وأرقام "أوابك" إلى أن احتياطي النفط في ليبيا بلغ 48.40 مليار برميل في 2013، ثم ارتفع إلى 49.52 مليار برميل في 2015، لكن تراجعت تقديراته إلى 48.36 مليار برميل في 2017.
في ذات الإطار،تباينت تصريحات رئيس المؤسسة الليبية للنفط، مصطفى صنع الله، حول اتفاق بين القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، وحكومة الوفاق، بخصوص استئناف الإنتاج والتصدير من حقول البلاد، أعلن يوم الجمعة الماضي.
وهاجم "صنع الله"في البداية الاتفاق الذي مثل حكومة الوفاق فيه أحمد معيتيق، نائب السراج، ووصفه بأنه "اتفاق أفراد، وأن المؤسسة غير معنية به"قبل أن يتراجع عن تصريحاته.
واعتبر مراقبون أن موقف صنع الله الأول"أتى في الأغلب لطمأنة شركائه سواء في مجلس الدولة الاستشاري، أو في الوفاق أو قادة الميليشيات، وربما كان في إطار انتظار موقف دولي، خاصة من بريطانيا التي ترى فيه رجلها في المؤسسة الوطنية للنفط".
من ذلك،رأى الخبير الأمني محمود بن خالد، أن صنع الله"قرر مهاجمة الاتفاق في البداية خشية ردود الأفعال العنيفة من قبل الميليشيات المستفيدة من تهريب النفط ومشتقاته، والتي تتكون منها حراسات المؤسسة الوطنية للنفط، وعدة مؤسسات وشركات نفطية في طرابلس".
وقال محمود بن خالد خلال تصريح لـ"إرم نيوز" اتصالات دولية مع صنع الله يعتقد أنها من أمريكا، وبريطانيا، جعلته يتراجع، وينشر بيانًا عبر موقع المؤسسة الليبية للنفط، يضع فيه شروطًا تمحورت حول التصدير من المواقع الآمنة والخالية من المسلحين، وبالطبع هو يوحي بهذه العبارات لقادة الميليشيات وبعض الشخصيات القيادية في الوفاق التي تقف ضد إعادة تصدير النفط بالشروط المعلن عنها، بأنه لا يزال ضد تواجد الجيش في مناطق النفط".
في ذات الإطار،أفادت وكالة "بلومبيرغ"الأمريكية، بأن المؤسسة الوطنية للنفط قادرة على استئناف التصدير سريعا، مشيرة إلى أن ناقلتين ستصلان ميناء الحريقة النفطي يوم الخميس.
ونقلت الوكالة عن مجموعة غولدمان ساكس قولها، إن إنتاج ليبيا سيرتفع إلى 550 ألف برميل يوميًا بنهاية العام.
وأكدت قدرة المؤسسة الوطنية للنفط على استئناف الصادرات سريعا لتوفر مخزونات كبيرة لديها في الموانئ النفطية.
وقدّر محللو الوكالة أن يصل الإنتاج إلى مليون برميل يوميًا بين أكتوبر وديسمبر المقبلين، وهو ما سيمثل ضغطا على أسعار النفط إذا ما استمرت الهدنة بين خليفة حفتر وحكومة السراج المعترف بها دوليا، بحسب الوكالة.


المرصد
الأسبوع