الاقتصاد الليبي

مخاطر توزيع إيرادات النفط والغاز على مستوى الأقاليم البديل دسترة قانون الثروة والقانون المالي

بوابة إفريقيا الاقتصادية

طرح في الفترة الأخيرة فكرة نظام الأقاليم للدولة الليبية، وأيضا تبعتها فكرة أخري توزيع إيرادات النفط والغاز على الأقاليم الليبية الثلاث، بحيث يكون نصيب الإقليم الغربي النصيب الأكبر، ويليه إقليم برقه الأقل نسبة، والاقل نسبة إقليم الجنوب. وإذا حصلت هذه المناورات المسكنة لوعي الساكنة الليبية فان الذين يخططون لهذا التفكير هم خارج دائرة تفكير الليبيين عموما. لان مثل هذا التفكير يُراد له الاستمرار في تفكيك اركان الدولة الليبية، وانشطارها وخللت نسيجها الاجتماعي والمواطنة. ليبيا كوطن ودولة بمثابة القارة، المترامية الأطراف تستوطن فيها موارد تكفي لمئات الأجيال القادمة، ومهما تعاقبت الحكومات والأنظمة السياسية عليها، فالبنية التحتية لها لا يمكن تقديرها بأثمان نظرا لعوامل المناخ وطبيعة النشاط السكاني، وطبيعة المطالب المناطيقية والقبلية. وإذا قدر لا سامح الله الاخذ بهذه الوصفة، فحدة الصراع المناطقي سوف تزداد، وتفشي الفساد، وضعف الرقابة على المال العام، وتدني مستوي الأداء الحكومي. وعندما يتم الاتفاق على هذا السيناريو من الذي سوف يراقب ويتابع تلك الحصص والنسب من إيرادات النفط والغاز؟ وما هو مصير إيرادات البتروكيمياويات الضخمة، وايراداتها سوف لمن تكون من حصة أي اقليم؟ وإذا تم الاصطلاح على ذلك، فذلك مخالف لقانون الدولة المالي، ومخالف لكل قوانين الميزانيات السابقة، إضافة الي مخالفته لكل الدساتير الليبية، ومخالف للعهود والمواثيق التي أسسها الإباء لهذا الوطن. لا ينبغي الاستهانة بمواضيع الثروة والعائدات السيادية، والاستخفاف بها، من أجل منافع دونية، أو تسجيل نقاط سياسية وهمية، فالأمور التي تتصل بالعقل الجمعي المواطني، تحتاج الي وفاق مجتمعي، وحوار وطني، وتحتاج نتائج ذلك الي دسترة واضحة، واستفتاء جمعوي. في هذه العجالة نتقدم الي من يهمه الامر، بتصور متواضع للوفاق على كيفية توزيع عائدات النفط والغاز والبتروكيماويات، وكل العادات السيادية دونما تفريط في مورد على حساب الاخر. والامر يحتاج الي إعادة دسترة قانون الثروة والمال العام. قانون الثروة: الثروة ملك لكل الليبيين، وهم من يقرروا كيفية تصريفها وتوزيعها دون سواه من خلال المؤسسات التشريعية ذات الاختصاص، لصالح الحاضر من اجياله، والاجيال القادمة. ويستلزم لتحقيق ذلك تشريع يسمي بقانون توزيع الثروة على عموم الليبيين من خلال مناطقهم واحتياجاتها، وذلك من خلال وكالات التخطيط المحلية. ولقانون الثروة ابعاد تحدد التوزيع القاعدي للثروة الي قمة هرم الدولة. ويحدد القانون ماهية الثروة ومدي استحقاق الليبيين لطموحاتهم. وقانون الثروة يستهدف مراحل الطفولة والشباب والشيوخ والمرأة، وعلى مختلف المراحل العمرية لهم كقيمة من قيم الرعاية بحقوق الانسان. " لا ينبغي الاستهانة بمواضيع الثروة والعائدات السيادية، والاستخفاف بها، من أجل منافع دونية، أو تسجيل نقاط سياسية وهمية، فالأمور التي تتصل بالعقل الجمعي المواطني، تحتاج الي وفاق مجتمعي، وحوار وطني، وتحتاج نتائج ذلك الي دسترة واضحة، واستفتاء جمعوي" . وقانون الثروة يمثل المبادئ الاساسية والمرتكزات التخطيطية لقانون الميزانيات للدولة، ويهدف الي عدم ترك توزيع الثروة الي افراد او مؤسسة بعينها والتصرف فيها برؤيا خاصة، وضيقة ومن خلال ابراج عاجية، أو جهات خارجية، أو مجموعات بيروقراطية محلية، تحقيقا للشفافية المفقودة في ادارة ثروة الليبيين. ومن اهم استحقاقات قانون الثروة التحكم في الانفاق الحكومي ومراقبته تشريعياً، وعدم الاستدانة، ومكافحة العجز في ميزانيات الدولة، واحداث التوازن المنشود بين مبادئ قانون الثروة ومصداقية قانون الميزانيات. وقانون الثروة في حالة صياغتهِ يمثل الضابط الايقاعي لمصروفات وايرادات الدولة، لأهميته في مراقبة وادارة احتياطات الدولة بضابط تشريعي مُقنن. وقانون الثروة يسعي فيما يسعي الي توطين الاقتصاد البدائل(البديل)، وبحثه المستمر عن التنوع في الايرادات كمخرجات ربحية ضامنة لمستقبل الاجيال القادمة. وقانون الثروة يمثل المنطقة الآمنة لحقوق الليبيين ومستقبل اجيالهم، والذي يمنع دستورياً التصرف فيها من طرف الحكام، أو الافراد، والنافذين في الدولة، أو المناطق الليبية، او جهات اجنبية، أو الاحزاب، او الحكام الجُدد من خلال التداول السلمي أو اللاسلمي على السلطة. فقانون الثروة هو ضابط الايقاع في كيفية التصرف في ثروة الليبيين، وماذا يجب على الليبيين تعلمهُ وفعلهُ في ازمنة الاستقرار والفوضى وعدم الاستقرار؟ وضبط العلاقة بين هياكل الاستثمار الاقتصادي والبشري وهياكل النمو الاقتصادي من ناحية، وبين تقلص دور الدولة الريعية والدولة الابوية ودورها في قضايا الاستهلاك ووفرة الاستثمارات البشرية والانتاجية والصناعية والخدمية. القانون المالي وتناغماً مع قانون الثروة يأتي القانون المالي للدولة الليبية، وكيفية التصرف في المال العام وادارته، لان المال العام، بمعاني الثروة، هو المحرك للصراع على السلطة وحوادث عدم الاستقرار والاختلاف ونشأة الثورات والعصيان، والاحتفالات الشعبية، والتمرد الاجتماعي، والانقلابات العسكرية، وتصارع الاحزاب، في ظل غياب الولاء والهوية والانتماء. والقانون المالي المفترض تأسيسه ينبغي أن يتخذ من قانون الثروة منطلقات لأهدافه المؤسسية للمال العام. وقانون المال ينبغي دسترته على هيئة منطلقات ومبادئ عامة درءً للصراع والخلاف والاختلاف في كيفية ادارته. فالمال العام في الدول المتقدمة لا يجوز التصرف فيه، ولا يجوز التعامل معه إلا من خلال تشريع دستوري يأذن للسلطات التنفيذية للتصرف فيه، وتحديد أسقف التصرف فيه، وفي كل الظروف العادية والغير عادية. ولا تنتهي مسألة ادارة المال العام إلا بعد نشأة قانون الاموال العامة والذي يشمل الاموال العقارية والمنقولة

المرصد
الأسبوع