تقارير

جامعي مغربي: السوق المشتركة المغاربية أفضل ضمان لإنعاش اقتصاد المنطقة

بوابة إفريقيا الاقتصادية

التأثيرات الاقتصادية لجائحة كورونا على الاقتصاديات المغاربية، ومميزات الاقتصادي التكاملي في المنطقة، والفرص المتاحة امام المغاربيين لإنعاش اقتصادياتهم المحلية، والتفاوض بشكل أفضل مع الاخر.

الموقع الجغرافي والتنوع الاقتصاد والقواسم المشتركة وغيرها، عوامل إذا ما تم استثمارها بشكل أفضل، ستكون حافزا لإنعاش المجال الاقتصادي في منطقة المغرب العربي، تساؤلات يجيب عنها في حوار حصري الدكتور محمد بنحريميدة الأستاذ بجامعة الحسن الثاني بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالدار البيضاء وكلية الحقوق بالمحمدية.

نص الحوار:

*ماذا حدث منذ المشروع الأول لاتحاد المغرب العربي الذي صدق عليه رؤساء الدول الخمس عام 1989؟

**الإجابة عن هذا السؤال مريرة ومؤلمة للغاية منذ ثلاثين سنة بعد ذلك، ولا يزال بناء مجتمع اقتصادي مغاربي في حالة جمود. وهنا نواجه مرة أخرى أزمة جديدة، هذه المرة دولية، وأزمة وباء Covid-19 التي يكون تأثيرها الاقتصادي ثقيلًا بشكل استثنائي على نطاق عالمي.

ومع ذلك، يمكن لتحليل أكثر حكمة للوضع أن يقودنا إلى جعل هذه الأزمة فرصة جديدة لكسر الوضع الراهن، وللمضي قدمًا في إنشاء مجتمع اقتصادي في المغرب العربي. مع الفارق أنه في ثلاثين سنة، زاد عدد سكان المنطقة من ستين مليونا إلى أكثر من مائة مليون نسمة.

في الواقع، إن أزمة COVID19 هي فرصة رائعة لدفع بعض القادة السياسيين المغاربيين، لتحرير أنفسهم من الحسابات السياسية الضيقة وفهم أنه من الضروري أكثر من أي وقت مضى الاستفادة من المزايا التي يوفرها السوق المشتركة المغاربية لضمان أفضل الظروف الانتعاش الاقتصادي للمنطقة.

*تأثيرات على اقتصاد دول منطقة المغرب العربي

**لنبدأ بتقييم آثار هذه الأزمة الاقتصادية. في المغرب، الدولة التي يعتمد ناتجها المحلي الإجمالي على السياحة حتى 7٪، سينخفض عدد السائحين من 13 مليون في عام 2019 إلى أقل من سبعة ملايين في عام 2020، وفقًا لأكثر التقديرات تفاؤلاً للمهنيين في هذا القطاع. لكن بالتأكيد ليست السياحة هي الوحيدة التي تتأثر بهذه الأزمة. بالإضافة إلى السياحة والنقل وصناعة المنسوجات وصناعة السيارات والفضاء والزراعة والعديد من القطاعات الأخرى كلها من المحتمل أن تتأثر بشدة بالأزمة الاقتصادية وخاصة أن الشركاء الأوروبيين الرئيسيين، أي إسبانيا وفرنسا سيعاني، من ركود مزدوج خلال عام 2020.

الوضع في الجزائر مقلق أكثر. تعتمد الدولة بشكل رئيسي على صادراتها من المنتجات البترولية، والتي تمثل أكثر من 95٪ من إجمالي الصادرات. مع انخفاض برميل دول أوبك إلى ما دون عتبة 20 دولارًا، ستكون الظروف الاقتصادية الأسوأ لفترة طويلة جدًا. خاصة وأن احتياطيات النقد الأجنبي للبلاد تنفد. وبحلول نهاية مارس، كانت قد انخفضت إلى ما دون الستين مليار دولار.

من جانبها، لا تزال ليبيا في قبضة حرب أهلية منذ 2011، لكنها بدأت تهدأ في سياق هذه الأزمة والوضع الاقتصادي كارثي ولن تفلت موريتانيا من آثار هذه الأزمة أيضًا أن الناتج المحلي الإجمالي لا يمثل سوى 1.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة المغاربية، مقابل 46٪ للجزائر، و32٪ للمغرب، و10٪ لتونس. ويجب أن نذكر هنا، أن الناتج المحلي الإجمالي التراكمي لدول المغرب العربي الخمسة بلغ 367 مليار دولار في عام 2019 لحوالي 100 مليون نسمة.

وبالتالي، فإن الملاحظة واضحة: إذا كانت أزمة كوفيد 19 كارثة غير مسبوقة منذ نصف قرن على الأقل ، بالنسبة للاقتصادات الهشة في المغرب الكبير ، تبقى الحقيقة أن هذه البلدان كانت تتقدم بالفعل في نظام مشتت ، في مواجهة التحديات وفرص القرن الحادي والعشرين. ويجب أن تكون هذه الأزمة فرصة لهم لمراجعة الأوراق والخروج من أعلى هذه الأزمة.

* الفرص المغاربية التي يمكن أن تؤدي إلى مستقبل أفضل في حالة الاندماج الاقتصادي:

**تتمتع هذه المنطقة من العالم بالعديد من المزايا التي تبرر التقارب بين الدول التي يمكن أن تكون مفيدة لمستقبل اقتصادي أفضل.

العامل الأول هو الجغرافية. في الواقع المنطقة المغاربية، قبل أن تكون فضاء ثقافيًا وحضاريًا، حيث نجد نفس اللغات والمعتقدات والعادات والأديان، ذات العمق التاريخي المتقارب، فهي تتميز بتقارب جغرافي كبير. هذه الميزة الجغرافية ستسهل بلا شك عولمة القرب. واليوم، أصبحت فكرة عولمة القرب متاحة أكثر من أي وقت مضى. في هذا المغرب الكبير الذي يتميز بتكامل اقتصادياته. بالإضافة إلى ذلك، فإن الموقع الاستراتيجي للمغرب الكبير يمكن أن يجعلها مركزًا اقتصاديًا مهمًا للغاية وجسرًا تجاريًا قيمًا بين أوروبا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

الرافعة لثانية من اجل التنشيط الاقتصادي تكمن في عرض تحفيزات ضريبية وجمركية بينية من اجل تشجيع رجال الاعمال المغاربيين المتعطشين لفرص الاستثمار: يجب ألا يغيب عن بالنا حقيقة أن الانتعاش ينطوي، من بين أمور أخرى، على الاستثمار المنتج. ولهذا السبب، سيكون من المؤسف الاستمرار في تلجيم مبادراتهم بالمساطر الادارية والاستمرار في الركض خلف المستثمرين الأجانب على بعد آلاف من الكيلومترات من المغرب الكبير

الميزة الثالثة لمغرب كبير متكامل هي تجارية بحتة: إذا أخذنا أسواق البلدان المغاربية واحداً تلو الآخر، فلا نضمن الاكتفاء الذاتي أو الحجم اللازم للاستغناء عن الأسواق البعيدة. إن التكامل المغاربي الحقيقي مع الحد الأدنى من التنظيم الإداري، وإزالة الحواجز الجمركية وإزالة الحواجز أمام حرية الحركة، يمكن أن يساعد في تضخيم السوق المغاربية الإقليمية مما سيزيد من فرص الأعمال للمستثمرين في المنطقة. وهذا من شانه ان يحسن قدرتنا التفاوضية مع الفاعلين الاقتصاديين الاجانب

العامل الرابع زراعي لمزيد من السيادة الغذائية:

من حيث الزراعة، فإن طبيعة التربة والمناخ متطابقة في المغرب العربي. هذان العاملان الرئيسيان الضروريان لتطوير سياسة زراعية متقاربة. إن المغرب هو بالتأكيد رائد عالمي في إنتاج تحويل الفوسفات. الفوسفاط هي المادة الخام للأسمدة اللازمة للزراعة الفعالة. هنا أيضًا، من خلال العمل الجماعي، يمكن أن تكون المكاسب في الإنتاجية الزراعية والأثر على الغلة أكبر بكثير مما تحققه كل دولة اليوم.

3- العامل السياسي: العائق الرئيسي أمام مشروع التكامل:

من الواضح أن الانعكاسات الاقتصادية الإيجابية للتكامل الحقيقي بين البلدان المغاربية تتباطأ للأسف بسبب مواقف فئة سياسية معينة. ففي الوقت، الذي لم يتوقف المغرب عن التواصل مع جيرانه المغاربيين والأفارقة، فإن النظام السياسي المجاور يواصل التمسك بموقفه من إغلاق الحدود ويبررها بحدث يعود إلى القرن السابق !!! لا يمكن للمرء إلا أن يندهش من هذا الجمود الذي يميز إدارة الخلافات في المنطقة والذي لن يخدم للأسف مصالح سكانها.

المرصد
الأسبوع