الاقتصاد الليبي

مع تطورات الأحداث في ليبيا.. أي تأثيرات على الإقتصاد؟

بوابة إفريقيا الاقتصادية

بدأت الحرب على طرابلس منذ الخامس من أبريل الماضي من السنة الماضية وأدت إلى خسائر مادية و كارثية في العديد من القطاعات.

تحتضن طرابلس أكبر مؤسستين تحركان عجلة الاقتصاد الليبي الريعي المعتمد على النفط، وهما المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، إضافة إلى أكبر مؤسسة استثمارية وهي المؤسسة الليبية للاستثمار النفطي لذلك تعتبر طرابلس عصب الإقتصاد الليبي بالتالي فإن الأحداث الأخيرة في طرابلس أثرت بشكل مباشر في المؤشرات الإقتصادية.

لم تتأثر عمليات انتاج النفط الليبي بالحرب الدائرة في العاصمة لسبب بسيط هو أن الحقول التي تنتج النفط والموانئ التي تصدره بعيدة عن طرابلس وما يدور فيها باستثناء ميناء الزاوية القريب نوعاً ما من محيط الاشتباكات، فالزاوية لا تبعد عن عاصمة ليبيا سوى أربعين كيلومتراً في اتجاه الغرب.

ويستشهد معارضو حكومة الوفاق المعترضون على تصريحات مسؤوليها بشأن الحرب في طرابلس وآثارها على الاقتصاد الليبي، بأن انتاج حقل الشرارة النفطي تجاوز ربع المليون برميل يومياً (285 ألف برميل يومياً).

على الرغم من حالة الإستقرار الجزئية التي يعيشها الاقتصاد الليبي بسبب تواصل انتاج النفط وتصديره، فبالتأكيد الحرب الدائرة في العاصمة ذات آثار سلبية على بلد ذي نظام مركزي إذ تتمركز المؤسسات والإدارات والشركات الفاعلة في العاصمة طرابلس. وهذا ما أثر سلباً في النشاط الاقتصادي والخدمي. فقد أسهم في تأخر صرف رواتب المواطنين خارج العاصمة التي يصرف معظمها من طرابلس.

وتعتمد طرابلس في معظم دخلها على إنتاج النفط والغاز وقروض بدون فوائد من البنوك المحلية إلى المصرف المركزي بالإضافة إلى رسوم نسبتها 183% على تحويلات العملة الأجنبية بالأسعار الرسمية.

وفي ظل تراجع شديد في جباية الضرائب مركزيا، تراكم الدين العام ليصل إلى 68 مليار دينار في الغرب ويشمل ذلك التزامات لم تسددها الدولة مثل التأمينات الاجتماعية.

ويتوقع بعض المحللين أن تضطر حكومة السراج للحصول على قروض جديدة إذا استمر الصراع للسيطرة على طرابلس لمدة أطول.

ولا تزال حكومة طرابلس، على الرغم من نطاق سيطرتها المحدود، تدير ميزانية سنوية تبلغ حوالي 46.8 مليار دينار توجه بالأساس للرواتب ودعم الوقود.

ووفقًا لبيانات من صندوق النقد الدولي تبلغ نسبة دين حكومة السراج إلى الناتج المحلي الإجمالي 143%، وهو ما يجعلها إحدى أكثر الحكومات المدينة في العالم وفقا لذلك المقياس.

وأدى انتشار الفوضى وغياب القانون في البلاد إلى التوقف عن انشاء أي مشروعات كبرى للبنية التحتية منذ إثر الإطاحة بمعمر القذافي وهو ما يجعل المدارس والمستشفيات والطرق في حاجة ماسة للإصلاح والترميم.

في نفس الإطار،قال تقرير صادر عن مؤسسة كارنيغي البحثية ، إنه مع استمرار حالة الحرب في البلاد، لن يحتدم مستوى النزاع وحسب، إنما أيضاً طبيعته في إطار سعي الطرفَين إلى تعزيز قواعد الدعم وانتزاع أفضلية استراتيجية، متوقعاً أن يصبح الاقتصاد الليبي ساحة المعركة المقبلة بين الطرفين حيث يُسيطر حفتر على الحقول النفطية، فيما تُسيطر طرابلس على توزيع الأموال.

وكشفت شبكة بلومبيرغ الاقتصادية في تقرير لها أن الأوضاع الأمنية في ليبيا، في إشارة إلى التوتر الأمني الأخير بطرابلس، أثرت بشكل مباشر على الإنتاج العالمي للنفط وسط إشارات من منظمة أوبك وحلفائها على الاستمرار في خفظ الإنتاج إذا ما استمر النزاع في ليبيا ما يزيد مخاطر الاتجاه للإمداد من إيران وفنزويلا.

و تركت تسع سنوات من الصراع في ليبيا بصمتها على الأمن والاقتصاد والوضع الإنساني في ليبيا. والعنف المستمر بين الفصائل مع استمرار التناحر السياسي والصراعات العنيفة داخل البلاد يزيد من اضطراب الوضع غير المستقر بالفعل.

إذ يزيد التصعيد المتواصل للنزاع من تفاقم الوضع الاقتصادي المتردي بالفعل. ومن المرجح أن يؤدي تعطيل إنتاج النفط، وهو المكون الرئيسي للاقتصاد الليبي، إلى زيادة عدد المحتاجين إلى الدعم. ولا يزال انعدام الأمن الغذائي يمثل تحدياً بسبب عمليات النزوح الممتدة، وتعطل الأسواق، وتراجع إنتاج الأغذية.

وقال يعقوب الحلو، نائب الممثل الخاص للأمين العام والمنسق المقيم للأمم المتحدة، ومنسق الشؤون الإنسانية في ليبيا: "لقد صدمتني المحنة التي مُني بها عشرات الآلاف ممن يعانون بسبب النزاع المتصاعد ولا سيما النازحون الليبيون وغيرهم من الفئات المستضعفة الأخرى." وأضاف: "إن الغذاء حاجة أساسية يجب تلبيتها، كما أن المساعدات التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي تنقذ حياة الآلاف من الليبيين النازحين والعائدين، والمجتمعات المضيفة، والمهاجرين الأشد احتياجاً الذين يعيشون في المناطق الحضرية".

وفقاً لخطة الاستجابة الإنسانية في ليبيا لعام 2020، يحتاج 900 ألف شخص في ليبيا إلى المساعدات الإنسانية. ومن بين هؤلاء، هناك 336 ألف شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، 65 في المائة منهم من الليبيين - سواء نازحين أو عائدين أو مجتمعات مضيفة – والـ35 في المائة المتبقية من المهاجرين واللاجئين.

المرصد
الأسبوع