تقارير

تأثيرات قوية لكورونا... ألمانيا تصارع من أجل أوروبا

بوابة إفريقيا الاقتصادية

أيام قليلة بعد الرفع التدريجي للحظر في بعض الدول الأوروبية، مازال هاجس التأثيرات الكبيرة يدور في ذهن المسؤولين والمراقبين الاقتصاديين، على اعتبار أن الأرقام التي قدّمت خلال الشهريين الماضيين تثبت أن القارة العجوز تعيش أزمة كبيرة وانتكاسة غير مسبوقة وانكماشا كبيرا معالجته تحتاج فترة طويلة.

في أشهر مارس وأبريل ومايو تتالت الأرقام حول التأثيرات الكبيرة لفيروس كورونا على الاقتصادات الأوروبية. في أغلبها كانت تؤكد أن الضربات لا تقل حدّة عما عاشته القارة والعالم، خلال الهزات الكبرى. ففي نهاية أبريل أعلنت فرنسا أن الناتج المحلي الإجمالي تراجع بنسبة 5,8 % في الفصل الأول من العام الحالي وفي إسبانيا تراجع بنسبة 5,2 %. كما ارتفعت نسبة العاطلين عن العمل في ألمانيا بـ 13,2 % وذلك في أكبر زيادة خلال شهر منذ 1991، حسبما أكدت وزارة العمل في البلاد.

أما منطقة اليورو، فقد "تراجع النشاط بنسبة 3,8 % في الفصل الأول من العام في أعلى تدهور له منذ إنشاء العملة الواحدة في 1999، كما ارتفع معدل البطالة العام في القارة إلى 4,7% في آذار/مارس الماضيوفق المكتب الأوروبي للإحصاءات يوروستات". وأضاف المكتب أن هذا التراجع هو الأشد منذ العام 1995.

المنطقة أيضا شهدت ركودا في قطاع السيارات وفي المبادلات التجارية، وفي الأنشطة الطاقية بسبب إجراءات الحجر الذي قلصت من القيمة الاستهلاكية محليا وخارجيا، الأمر الذي طرح أسئلة كبيرة عن قدرة الكيان الأوروبي على مواجهة الأزمات وسط تأويلات ذهبت أبعد من ذلك نحو إمكانية تفكك الاتحاد تدريجيا خاصة في ظل الشعور الإيطالي مع بداية الأزمة بتقصير حلفائه في المساعدة قبل أن تلتحق أسبانيا أيضا بقائمة المنتقدين.

في مقابل ذلك يقف الألمان في جانب آخر يفكّر في إمكانيات العلاج. ألمانيا باعتبارها الاقتصاد الأوروبي الأقوى كانت تصريحات مسؤوليها خلال الأزمة تصب في خانة البحث عن الحلول. ففي تصريحات لوزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير في بداية مايو تعقيبا على تأثيرات الأزمة قال إن “ألمانيا التي ستتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي من يوليو/تموز المقبل تشعر بمسؤولية خاصة في أزمة فيروس كورونا لتشكيل أوروبا بشكل فعال بروح التضامن”.

وأضاف ألتماير أن “الأزمة الحالية تثبت ضرورة تجنب الاعتماد على جانب واحد وتنويع سلاسل الإمداد الدولية لمدى أكبر”، مشيرا إلى أن "السوق الواحدة ما زالت تمثل العمود الفقري الاقتصادي للاتحاد الأوروبي."

وقال الوزير الألماني إن القارة تحتاج "إلى استراتيجية صناعية أوروبية لتعزيز القاعدة الصناعية في أوروبا، مقترنة بظروف إطارية جيدة، لا سيما بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم”.

في جانب مماثل أعلنت برلين أن شعار قيادتها للاتحاد سيكون، "معا... نجعل أوروبا قوية مجددا".، وقال ألتماير أيضا في تصريحات صحفية "ستكون مهمة رئاستنا هي إخراج أوروبا من الأزمة... سنقبل هذه القيادة وسيكون لدينا جبل ضخم من الأعمال في كافة أبعاد الاتحاد على طاولتنا: تحفيز الاقتصاد وتعزيز التماسك الداخلي والتصرف على نحو موحد في الشؤون الخارجية".

التصريحات الألمانية وعلى عكس بقية النظراء الأوروبيين، تبدو متجهة نحو الوحدة، وضمن تفكير بالحفاظ على الاتحاد باعتباره النواة التي تجعل منه كتلة قوية، وحتى الإجراءات المتخذة وأزمة الخطوط الألمانية كلها تصب في خانة الإصلاحات التي تدعو لها برلين من أجل النهوض بأوروبا من الأزمة التي وقعت فيها

المرصد
الأسبوع