تقارير

النفط ولعبة الأسعار ... أي دور لدول الإنتاج

بوابة إفريقيا الاقتصادية

لم تمرّ عاصفة انهيار أسواق النفط في العالم في الفترة الأخيرة وبلوغها أسعارا سلبية، مرور الكرام. ما عاشه العالم يوم 20 فبراير الماضي، لم تستوعبه أذهان النّاس بالنظر إلى الطريقة التي تم تسويق العمليّة بها باعتبارها حدثا استثنائيا لم تعشه الأسواق منذ اكتشاف النفط، وطرحت أسئلة التعاملات وطرق البيع والشراء وفكرة السالب في البيع التي تجعل المستثمر يبيع سلعته ويدفع لذلك الأموال، وأسباب وقوع السوق تحت ذلك الضغط ودور دول الإنتاج في تحديد تلك الأسعار وتعديلها.

في 20 من أبريل عاش العالم حدثا غريبا. انهارت أسعار النفط الأمريكي إلى قرابة 38 دولارا دون الصفر للمرة الأولى في التاريخ، وانخفض الطلب على النفط بسبب التحولات التي عرفتها دول العالم إثر تفشي وباء كورونا وإجراءات الحجر المنزلي. الأمر الذي خلق حالة من الدهشة داخل الأسواق نفسها، إذا "قال ستيوارت غليكمان، خبير النفط في مركز أبحاث "سي إف إر إو"، إن صدمة انخفاض الطلب ضخمة لدرجة أنها تتخطى كل التوقعات السابقة".

في المقابل أشار مراقبون إلى أن الصورة ليست كما يتم إخراجها للنّاس، من بينهم المحلل الاقتصادي الليبي سعيد رشوان الذي علّق على المسألة قائلا إن "ما تسمعونه عن أسعار البترول هي أسعار نظرية أو غير حقيقية، لأن البترول سلعة كأي سلعه أخرى لا يوجد هناك من يبيع سلعته بالخسارة أو عند السعر صفر أو بالناقص وهذا كلام نظري أو تلاعب بورصي خاصة أن البترول سلعه استراتيجية ولازال العالم يعتمد عليها كمصدر للطاقة ولا تتعرض للفساد في حالة تخزينها أو عدم ضخها في مصادر إنتاجها". وأشار رشوان أنه "يمكن أن تتعرض الأسعار للزيادة في بعض التكاليف في حالة تخزينها أو بعض الصيانات، ولكن لا يكمن يدفعها للبيع بأقل من السعر العادل".

ومع تلك التطورات أعلنت عدة مصادر أن مخزونات النفط الأمريكي قد شارفت على الامتلاء بما يعني أن الأسعار قد تحافظ على انهيارها خلال الفترة المقبلة رغم الاتفاق الحاصل بين دول أوبك+ على خفض الإنتاج إلى 10 مليون برميل يوميا، الذي غابت عنه الولايات المتحدة صاحبة المواقف الغريبة في هذا الاتجاه وبعض الدول الأخرى.

لكن الانهيار الأخير يطرح الأسئلة أيضا عن العوامل المحددة في ذلك. فالكثيرون تابعوا الخلافات الأخيرة بين الولايات المتحدة ودول الإنتاج في العالم لكن دون فهم الهدف من ذلك، خاصة أن الأمريكان يبحثون عن ذريعة لتحميل الآخرين المسؤولية في هذه الأشهر الأخيرة التي أعقبت انتشار فيروس كورونا. لكن المحدد إلى جانب الظروف هي الدول المنتجة عبر اتخاذها إجراءات في التخفيض لتعديل الأسعار في الأسواق العالمية وهو ما تأخر نسبيا بالنظر إلى التراجعات المستمرة والمتدرجة لقيمة برميل النفط وللخلافات التي وجدت بين روسيا والسعودية في عدم الرضوخ بداية لدعوات تخفيض الإنتاج.

الدول المصدّرة بدورها لا تريد أن تتحمل مسؤولية ليست لها الدور الأساسي فيها. فالأسعار اليوم تتحكم فيها ظروف خارجية مست حتى قطاعات التصنيع والإنتاج الأخرى، بل الأكثر من ذلك أنها بدأت التفاوض لخفض الإنتاج منذ مدّة لكن تراجع الطلب هو السبب الرئيسي في كل ما يحصل وهي متضررة بدورها باعتبار تقلّص عائداتها في الظرفية الحالية، وحتى تعاملها مع الموقف الأمريكي الضاغط يذهب في هذا الاتجاه.

وأمام هذه التطورات تعيش دول العالم على ما يشبه الانتظار، وبدأت التفسيرات بأن حالة الانهيار ستكون في صالح الدول النّامية باعتبار أن تكلفة الشراء ستكون رخيصة ما يمنحها ميزة التحكم في موازناتها، لكن هذه مجرّد تحليلات ظرفية يمكن أن تتغيّر بمجرة استعادة الأسعار لتوازونها في السوق العالمية.

النفط العالمي انهيار أسعار النفط السعودية روسيا أوبك+
المرصد
الأسبوع