تقارير

لماذا يمثل كورونا كارثة أكبر في فنزويلا؟

بوابة إفريقيا الاقتصادية

يُمثِّل تفشي فيروس كورونا المستجد، أزمة لجميع دول العالم، ولكن في فنزويلا، يمكن أن يكون بمثابة «كارثة» تُضاعف من الأزمات التي تواجهها البلاد منذ ست سنوات.

وطبقاً للباحثة المتخصصة في شؤون أمريكا اللاتينية د. صدفة محمد محمود، فإن «فنزويلا تعاني من واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث، وقد تقلص الاقتصاد بأكثر من 65% منذ العام 2013، علاوة على أن واحداً من كل ثلاثة فنزويليين ليس لديه ما يكفي من الغذاء لتلبية احتياجاته اليومية».

وتواجه فنزويلا فيروس كورونا بنظام صحي صنفه مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي كواحد من أكثر الأنظمة هشاشة في العالم. ويضاعف المشكلة أن عدداً لا يحصى من الأطباء وغيرهم من المهنيين الطبيين فروا من البلاد في السنوات الأخيرة.

ونتيجة لذلك، تلفت الباحثة، في تصريحات لـ«البيان» إلى توقعات ترجح أن يكون معدل الوفيات في فنزويلا أعلى بكثير من المتوسط العالمي المقدر بـ3%.

ومما يُضاعف من الأزمات التي تواجهها فنزويلا، الانخفاض الحاد في أسعار النفط، الذي يُشكل 98% من عائدات الصادرات الفنزويلية - إلى أدنى مستوى منذ 18 عاماً. وفي حين تمتلك البلاد أكبر احتياطيات نفطية في العالم، فقد حدث انخفاض في الإنتاج بـ70% إلى حوالي 700 ألف برميل من النفط يومياً، ما أدى إلى نقص غير مسبوق في الوقود، وانخفاض عائدات النفط.

وتستطرد الباحثة: «تفرض هذه الأوضاع خيارات صعبة على نظام الرئيس نيكولاس مادورو، الذي يواجه ضغوطاً متزايدة من قبل الولايات المتحدة التي تواصل في الوقت الراهن ممارسة استراتيجية الضغط الأقصى على النظام في فنزويلا، إذ وجهت وزارة العدل الأمريكية اتهامات بتهريب المخدرات لمادورو وحوالي 13 من كبار المسؤولين في حكومته، وعرضت مكافآت مقابل القبض عليهم».

وسعت واشنطن إلى تكثيف ضغوطها على فنزويلا، من خلال نشرها سفناً حربية في البحر الكاريبي، وشرق المحيط الهادئ لمواجهة عمليات تهريب المخدرات من وإلى فنزويلا.

وأعلنت واشنطن «إطار الانتقال الديمقراطي لفنزويلا» – وهو اقتراح يتضمن تشكيل حكومة انتقالية بدون مادورو وزعيم المعارضة خوان غوايدو– تتولى مسؤولية إدارة البلاد حتى إجراء انتخابات جديدة، في مقابل رفع العقوبات عن فنزويلا.

وتردف الباحثة المصرية في معرض حديثها مع «البيان»: برغم الضغوط الأمريكية، فمن المُرجح أن يُظهر مادورو مزيداً من التشدد في مواجهة المعارضة على الأقل على المدى القصير. وسيحاول موازنة ضعفه من خلال إظهار القوة وتكثيف الاضطهاد السياسي ضد قوى المعارضة. وقد تصبح تدابير الحجر الصحي مبرراً لمنع الناس من التجمع للاحتجاج ضد الحكومة.

وتقول إنه مع أن الضغوط الأمريكية بالإضافة إلى فيروس كورونا، وانخفاض أسعار النفط، سوف تزيد من التحديات التي تواجه نظام مادورو، فإنها قد لا تؤدي إلى الإطاحة به، طالما استمر في تلقي الدعم الروسي، الذي من غير المتوقع أن يتراجع حتى مع إعلان شركة «روسنفت» أكبر منتج للنفط في روسيا، وقف أعمالها في فنزويلا وبيع أصولها في هذا البلد، عقب فرض الولايات المتحدة عقوبات عليها. وذلك لأن البيان الصادر عن روسنفت يُشير إلى بيع أصولها إلى شركة «مملوكة 100% لحكومة روسيا الاتحادية»، مما يعني استمرار العلاقة الوثيقة بين كاراكاس وموسكو.

وتختتم حديثها قائلة: «لكن من المؤكد أن الظروف التي تمر بها فنزويلا سوف تتسبب في كارثة إنسانية أكثر شدة من تلك التي تعاني منها بالفعل».

المرصد
الأسبوع