تقارير

انكماش غير مسبوق في الاقتصاد... كيف تتعامل تونس مع طوارئ كورونا؟

بوابة إفريقيا الاقتصادية

كل شيء في تونس اليوم يثير قلق السلطات. في بلد أكثر من نصف مواطنيه يعيشون على العمل اليومي الهش لا أفق لحلول واضحة للإنقاذ وسط إحراجات القروض الدولية التي تبقي البلد دائما تحت ضغط التداين والعجز المالي. حلول مختلفة اتخذتها الحكومة لأجل تخفيف التوتر الاجتماعي لكن طول مدة الحجر تثير قلق الناس من عدم قدرة الدولة على توفير المواد الضرورية، بالتزامن مع توقعات بركود اقتصادي غير مسبوق يتجاوز 4.3 بالمئة لأول مرة منذ الاستقلال في 1956.

عندما أعلنت الحكومة التونسية في الأسبوعين الأخيرين من مارس عن إجراءات الحجر الصحي، وعدت العاطلين وأصحاب المهن الحرّة بتغطية جزء من احتياجاتهم الأساسية عبر منحة رمزية في حدود 70 دولار (أكثر من 200 دينار)، بالإضافة إلى تغطية جزء من طلبات الشركات ورؤوس الأموال مع اشتراط التزامهم بدفع مرتبات العاملين.

في الجهة المقابلة أعلنت وزارة الصحة في البلاد أنها تحتاج موازنة طوارئ للتعامل مع مستجد فيروس كورونا نظرا للتكاليف الكبيرة للتحاليل والمصاريف اللوجستية لكل عملياتها في المدن من أدوية وسيارات إسعاف وأسرة إسعاف، حيث أعلنت مصادر محلية أن تكلفة التحليل الواحد قد تتجاوز 200 دولار في بلد موارده قليلة واحتياجات مواطنيه حتى في الوضع العادي كبيرة.

وعند الأخذ في الاعتبار أن ألاف التونسيين ستشملهم تحاليل كورونا فذلك يعني أن كاهل الدولة ستثقله المصاريف ودون البحث عن طرق للتمويل سواء عبر المبادرات الخاصة التي بدأت ووفرت نصيبا منها، سواء البحث عن مانحين وقد بادرت بعض الدول إلى ذلك، فإنها ستعاني مشاكل كبيرة لا تعرف كيفية التعامل معها.

وضمن خطوة لتخفيف الأعباء على الاقتصاد قررت الحكومة بالتشاور مع المنظمات المحلية اقتطاع قيمة يوم عمل من موظفي الدولة لتوفير المبالغ التي تم تقديمها للمواطنين في المساعدات الاجتماعية والتي قالت الحكومة إنها ستكون في المجمل حوالي 150 مليون دولار، ضمن مبلغ عام في 2 مليار دولار للتعامل الشامل مع ظروف الفيروس من تغطية عجز بعض المؤسسات وتوفير طلبات المستشفيات ومخابر التحاليل وغير من المصاريغ.

وبالتزامن مع ذلك قالت الحكومة التونسية إن صندوق النقد الدولي وافق على تقديم قرض مستعجل بقيمة 744 مليون دولار (2.1 مليار دينار) بهدف التعامل مع حاجة المستشفيات ولتوفير إمكانيات الشراء الأولية للمواد الطبيّة ولمنح المستشفيات الفرصة للتعامل مع وضع الطوارئ، وهي الضمانات التي طلبها أيضا النقد الدولي عندما وافق على الصرف السريع للقرض الذي يعتبر كبيرا واستثنائيا مقارنة مع التعاملات السابقة التي كانت تتطلب وقتا وتتم تحت ضغط كبيرة وشروط مجحفة.

ومراعاة للظروف التي تمر بها البلاد بادرت دول أخرى بتقديم مساعدات وقروض ميسّرة لتغطية الاحتياجات في المستشفيات، من بينها الصين التي بادرت بطبيعتها ضمن إجراء عاجل لكامل إفريقيا لتوفير الكمامات والأدوية وبعض المستلزمات الطبيّة، بالإضافة إلى مساعدات من دول أخرى لها علاقات قوية معها. كما أعلنت إيطاليا قبل قرض البنك الدولي أن وفرت مبلغا بقيمة 50 مليون أورو لفائدة تونس لمساعدته على مواجهة الفيروس المستجد.

بعد شهر من إجراء الحجر وفي انتظار أسبوعين آخرين بالتزامن مع دخول شهر رمضان الذي تشهد فيه تونس في السابق حركية اقتصادية كبيرة، تبقى البلاد أمام ضغط اقتصادي غير مسبوق، وفي حاجة إلى أن تتخذ الحكومة إصلاحات كبرى ومقترحات جديدة من شأنها تغطية الطلب الاجتماعي وطلب قطاع الصحّة في انتظار ما ستفرزه تطورات الأوضاع في البلاد مع غيرها من العالم.

تونس اقتصاد الاقتصاد التونسي صندوق النقد الدولي كورونا
المرصد
الأسبوع