تقارير

في زمن كورونا... هل أصبح الاقتصاد أهم من الإنسان؟

بوابة إفريقيا الاقتصادية

في الأسبوع الأخير من شهر مارس الماضي، بدأت الولايات المتحدة تسجّل أرقاما كبيرة لمصابي فيروس كورونا لتتدرج وتصبح الدولة الأولى من حيث الوفيات والإصابات في العالم، وبخوف من مستقبل غير واضح على متساكني البلاد وسط تراخ في بداية الأزمة وفي قلبها حيث تأخرت الولايات المتحدة في المواجهة بشكل أقرب إلى الاستهتار إلى حدود منتصف أبريل عندما عاد الرئيس الأمريكي ترامب ليقول إنه سيفتح الإنتاج في عدة مصانع وشركات تأثيرها المالي كبير على اقتصاد البلاد، الأمر الذي يطرح سؤال عن قيمة الإنسان وسلامته وسط اقتصاد السوق.

خلال ذروة انتشار الفيروس وجدت السلطات الأمريكية نفسها أمام حتمية اتخاذ إجراءات حمائية عاجلة ضمن خطة تشمل كل الولايات، لكنها في المقابل وجدت نفسها أمام "ورطة" اقتصادية بسبب تضرر العديد من القطاعات. ففي آخر إحصائية تم نشرها ارتفعت طلبات البطالة في البلاد إلى 22 مليونا وهو رقم قياسي لم تعرف الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة. الإحصائية التي صدرت عن شبكة Visual Capitalist المتخصصة في التحليلات البيانية الاقتصادية، أشارت أيضا نقلا عن المحلل Jeff Desjardins إلى أن هذه أسوأ خسارة في الوظائف الأمريكية المسجلة منذ سنوات طويلة، وهو ما يجعل الوضع الاقتصادي في البلاد صعباً جداً، إلى درجة تحرك الرئيس الأمريكي لما سماه تخفيف الحظر على العديد من الشركات الأمر الذي جعل منظمات محلية تحتج على الخطوة وتعتبرها مجازفة خطيرة من شأنها أن تسبب كارثة على الأمريكيين. لكن ترامب كان له رأي آخر عندما أعلن عن لإعادة فتح الاقتصاد في عدد من الشركات في نيويورك، وفتح بعض الولايات لتستعيد نسقها التجاري.

مثال الولايات المتحدة ربّما هو الأبرز الذي كانت فيه الصورة واضحة عن عدم انزعاج أو توتر مما يحصل، لكن هناك أمثلة أخرى غلبها الطمع على الجانب الإنساني، مثل الصين الحاضنة الأولى للمرض و"مرسلته" إلى العالم، التي فاجأت الجميع بالتقليص في عدد الإصابات إلى حوالي 50 ألف مصاب في مراجعة للعدد الأول الذي كان في حدود 82 ألفا، الأمر الذي فهم منه أنها سياسة صينية للتخفيف من خطر الفيروس وإعادة دواليب الاقتصاد إلى ما كانت عليه.

الصين البلد الاقتصادي الصاعد أيضا ليس بعيدا عن القرارات الأمريكية بعد أن استعادت المدن والمحال التجارية نسقها الاقتصادي، حيث قال "مسؤولون بصندوق النقد الدولي في مدونة بشأن التأثير الاقتصادي لتفشي وباء فيروس كورونا، إن اقتصاد الصين بدأ يظهر بعض المؤشرات على العودة إلى الوضع الطبيعي عقب صدمة شاملة ناجمة عن الفيروس، لكن المخاطر الأكثر بروزا تظل قائمة".

كما أشارت بعض المواقع إلى أن "النشاط التصنيعي الصيني شهد نموا مفاجئا في مارس/آذار مع بدء عجلة الأعمال بالدوران في أعقاب فترة إغلاق مطولة. وقال المكتب الوطني للاحصاءات، إن مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي لشهر مارس حقق مستوى فاق التوقعات، حيث بلغ 52 نقطة، مقابل 35,7 نقطة في فبراير.

الدول الأوروبية الأخرى بدورها مركزة أساسا على المشكل الاقتصادي، بما يعني أن الجميع يهرب إلى لغة الحاجة دون معرفة تضرر الأنسان في ذلك، وهو الأمر الذي احتجت عليه منظمات الحماية الدولية التي طالبت بأن تتوقف كل المنشئات الصحية في تلك البلدان عن العمل حماية لملايين البشر المهددين بخطر الفيروس.

من المؤكّد أن العالم يعيش اليوم حالة من الاختناق والجميع يفكّر كيف يخرج من هذه الوضعيّة بأخفّ الأضرار والبحث بأي طريقة عن التخفيف من حدة انتشار المرض لكي تعود دواليب الحياة إلى نسقها، لكن في كل هذا، هليُنتظر ممن بنا اقتصاده على شعار رأس المال وآلة الانتاج أن تكون حياة البشر عنده ذات أولوية رغم الشعارات المرفوعة حول حقوقه وحرياته وأساسا حقه في الصحّة والحياة.

الولايات المتحدة الأمريكية كورونا أوروبا الصين الاقتصاد العالمي
المرصد
الأسبوع