تقارير

الخوف على الاقتصاد يُعيق جهود مكافحة كورونا في إثيوبيا

بوابة إفريقيا الاقتصادية

توصل رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد إلى اتفاق مع الملياردير الصيني ومؤسس شركة "علي بابا"، جاك ما، لتقديم إمدادات طبية إلى الدول الإفريقية، وكتب مناشدة مفعمة بالحماس في صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، طلب فيها مساعدات دولية للقارة لدعمها في مكافحة تفشي وباء كورونا.

وعلى النقيض من ذلك، جاء تحرك آبي أحمد في بلاده بوتيرة اتسمت بالبطء.

وأرجأ رئيس الوزراء، الحاصل على جائزة نوبل للسلام في 2019، الانتخابات العامة التي كانت مقررة في أغسطس (آب) المقبل. ولكنه، وعلى نحو حاسم، أبقى المطار الرئيسي في البلاد مفتوحاً، وسمح لشركة الطيران الوطنية، الخطوط الجوية الإثيوبية، بمواصلة رحلاتها، ما ترك إثيوبيا عرضة لإصابات جديدة بفيروس كورونا.

وجاءت الاختبارات لكشف المصابين بالفيروس في ثاني أكبر دول أفريقيا من حيث السكان، هزيلاً.

وقال مسؤول حكومي على دراية بأسلوب تفكير رئيس الوزراء الإثيوبي، إن التناقض بين الهم العام بعد تفشي كورونا عند آبي أحمد وعدم رغبته في فرض قيود صارمة لمكافحته، يكشف مخاوفه الراسخة من عرقلة جهوده لتحديث الاقتصاد الإثيوبي، حسب ما أوردته وكالة أنباء بلومبرغ الأمريكية.

وهناك دليل واسع الانتشار يدعم مخاوف آبي أحمد، وهو عمليات الإغلاق المتشددة في أنحاء شتى من العالم، والتي نجم عنها انكماش اقتصادي وبطالة جماعية.

ونقلت الوكالة عن وزير الدولة الإثيوبي للشؤون المالية أيوب تولينا، القول: "لا اعتقد أن الوباء كان يمكن أن يأتي في وقت أسوأ، لا نستطيع أن نخلف صدمة مستمرة للاقتصاد عند الكثير لنخسره".

محور إقليمي للنقل الجوي
وصل متوسط معدل النمو الاقتصادي في إثيوبيا إلى حوالي 10% في العقد الماضي، وكان ذلك هو المعدل الأسرع في القارة.

وكان السبب في القسم الأكبر من ذلك هو توسع الخطوط الجوية الإثيوبية، والاستثمارات الصناعية الصينية التي تقدر بمليارات الدولارات، في إثيوبيا.

وحولت الخطوط الإثيوبية مطار أديس أبابا إلى مركز للنقل الجوي من المنطقة إلى الشرق الأوسط وآسيا، بنحو 12.2 مليون مسافر سنوياً.

ووصل عدد كبير منهم من الصين، حتى في الوقت الذي كانت فيه تلك البلاد تواجه ذروة تفشي فيروس كورونا.

وتعمل الخطوط الإثيوبية بنحو 10% من طاقتها الطبيعية اليوم، ولكنها لا تزال تسير رحلات إلى باريس، والصين، والشرق الأوسط، وإلى أنحاء من أفريقيا، حتى يوم الاثنين الماضي، 13 أبريل (نيسان) الجاري، حسب موقع "فلايت رادار 24" الالكتروني السويدي.

وجاء ذلك في الوقت الذي أوقفت فيه دول رئيسية أخرى في القارة، مثل جنوب أفريقيا، وكينيا،ونيجيريا، والتي تملك خطوط طيران أكبر من الإثيوبية، الرحلات الجوية وأغلقت حدودها.

وترفض معظم الدول الأخرى في أفريقيا استقبال ركاب من أي دولة يوجد بها أكثر من 200 إصابة بكورونا.

وقال إد هوبي-هامشير، كبير محللي أفريقيا في مؤسسة فيريسك مابلكروفت لاستشارات المخاطر السياسية: "من الناحية الاقتصادية، يكشف ذلك أهمية الحفاظ على الربط الجوي مع الصين".

وفي المقال الذي كتبه رئيس الوزراء الإثيوبي ب"فاينانشيال تايمز"، أكد أحمد أهمية شركة الخطوط الجوية الإثيوبية، وقال: "خذ على سبيل المثال، الخطوط الجوية الإثيوبية، وهي أكبر شركة في البلاد وتمثل حوالي 3% من الناتج القومي، ومصدر رئيسي للعملة الصعبة... ستذهب إلى حافة الهاوية إذ أن الوباء يقلب أعمالها رأس على عقب".

وتقول الخطوط الإثيوبية إنها تكبدت حوالي 550 مليون دولار من العائدات. وجاءت اختبارات فيروس كورونا لثلاثة موظفين فيها إيجابية، من أصل 85 إصابة في البلاد.

طريق وسط
وتقول آتيا موسام، خبيرة الصحة العامة في جامعة ويتووترزراند في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا: "على المرء أن يقر بأنه يستورد إصابات بكورونا إذا كان لديه مطار مفتوح... إن السماح بتنقل الناس بحرية عبر الحدود، ليس، حقاً، في صالح أي شعب".

وتتحرك إثيوبيا التي يبلغ تعداد سكانها حوالي 110 مليون نسمة، ببطء في إجراء الاختبارات لكشف المصابين بكورونا، وفحصت حتى الآن حوالي 5 آلاف شخص فقط. وبدأت الاختبارات المنتظمة لقياس درجة حرارة الجسم في مطار أديس أبابا في أوائل مارس (آذار) الماضي، للركاب القادمين من الصين، وإيطاليا، وكوريا الجنوبية، وإيران فقط.

وعلى النقيض من ذلك، شملت اختبارات كورونا في دولة جنوب أفريقيا، التي يصل تعداد سكانها إلى حوالي 59 مليون نسمة، حوالي 80 ألف شخص، وكشفت عن 2415 إصابة مؤكدة.

ورأت مجموعة إدارة الأزمات الدولية، ببروكسل، في تقرير أمس الأول الأربعاء أن إدارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد سعت إلى طريق وسط بين تبني بعض الإجراءات لإبطاء انتشار فيروس كورونا في البلاد، وفرض قيود صارمة من شأنها أن تسبب خسائر اقتصادية وخيمة.

وواجهت حكومة آبي أحمد احتجاجات عرقية وعنف منذ توليها مقاليد الأمور في البلاد قبل عامين.

وقالت المجموعة في تقريرها: "إذا تمكن الفيروس ووجد كثير من الإثيوبيين أنفسهم دون موارد كافية لرعاية أسرهم، قد يتحولون ضد السلطات التي يرونها عديمة الكفاءة".

وأوضح التقرير "وعوض ذلك، إذا اتخذت الدولة إجراءات في الصحة العامة تجعل من المستحيل على الناس أن يكفوا أنفسهم، قد يثير ذلك رد فعل مماثل" والتدابير التي اتخذتها الحكومة حتى الآن قد تكون للغايةبسيطة، ومتأخرة جداً.

وحسب وزير الشؤون المالية الإثيوبي، تحتاج البلاد إلى 1.6 مليار دولار لمواجهة تفشي فيروس كورونا وتداعياته على مدار الأشهر الثلاثة المقبلة.

وستذهب هذه الأموال إلى الرعاية الصحية والاحتياجات الطارئة، وبينها المواد الغذائية.

ويقول ويليام آتويل، رئيس قسم أبحاث أفريقيا جنوب الصحراء بمؤسسة دوكر فرونتير للاستشارات: "هناك نقص خطير في الاستعدادات" في ظل وجود 0.3 سرير فقط بالمستشفيات لكل ألف شخص.

وأضاف آتويل: "الحكومة غير مستعدة، وستعتمد على الجهات المانحة عندما تزداد أعداد الإصابة".

المرصد
الأسبوع