مزاعم  بالمساعدة ضد كورونا في ليبيا... تركيا والاقتصاد بنوايا السياسة

بوابة إفريقيا الاقتصادية

يوم الجمعة 10 أفريل أعلنت وكالة الأناضول التركية، عن إرسال حكومة أردوغان مساعدات إلى طرابلس للمساعدة لمواجهة فيروس كورونا المستجد. ما أعلن عنه كان عبارة عن مستلزمات طبيّة بإشراف مباشر من السفير التركي لدى طرابلس الذي لقي إشادة هو حكومته من قبل حكومة الوفاق التي اعتبرت المساعدات "هديّة من الشعب التركي إلى شقيقه الليبي"، بما يوحي أن في الأمر رائحة السياسة.
بطبيعتها ليبيا لم تدخل بعد مرحلة الخطر في مواجهة فيروس كورونا. كل المؤشرات تشير إلى أن القدر مازال يسعف الليبيين وينجيهم من هذا الكابوس الجديد، وربّما تكون الإجراءات ناجحة في مستوى التوقي. لكن في كل ذلك لم تدخل الأطراف الدولية على الخط للمساعدة، إلا الأتراك. قام الصينيون والصليب الأحمر بخطوة في ذلك الاتجاه لكن دون كثرة ضجيج وفي إطار إجراء يشمل دولا أخرى أيضا. هكذا من دون كل القوى الكبرى أراد الأتراك أن يكونوا كرماء مع طرابلس أو بالأحرى كرماء مع من يحكمون فيها مثلما كانوا كرماء أيضا مع الصهاينة وهذه حكاية أخرى تخفي حقائق لم تعد خافية إلا على من يريد طمس الواقع.
الإشكال بين تركيا وليبيا ليس في إرسال المساعدات. العالم اليوم كله مجند لمثل المعركة الإنسانية في أساسها، ودول كثيرة تساعد بعضها حتى في إطار المجاملات الدبلوماسية، لكن عندما يتعلق الأمر بليبيا وتركيا تكون الصورة مختلفة، لأن الذاكرة تسجل أن الأخيرة جزء من الحالة التي عليها البلاد اليوم، بل هي مفصل المعركة من لحظة شرارتها الأولى في 2011، وما أعقبتها من مآس مزال الليبيون يعاني مرارتها إلى اليوم ولا يتذكرون من اسطنبول إلا كونها أداة من أدوات الحرب وطرفا في مزيد دعمها.
من يتذكر ما قام ويقوم به الأتراك منذ سنوات لن تكون الصورة في ذهنه وردية، وبالتالي كل حديث عن مساعدات سيخفي وراءه تخوفات من أن الصورة في ظاهرها تضامنية لكن الحقيقة هي شيء آخر في ظل أحادث متكررة عن تواصل نقل المرتزقة الأجانب إلى طرابلس لإسناد حكومة السراج في المعركة ضد الجيش الليبي.
ولكي تكون الصورة أوضح فإن تلك المساعدات نفسها كُشفت حقيقتها من الأتراك أنفسهم حيث قالت "وزارة الدفاع التركية في تدوينة بصفحتها الرسمية على موقع "تويتر" حسب ما نشر موقع "العربية نت"، إنه "بتوجيه من الرئيس رجب طيب أردوغان، تم إرسال الإمدادات الطبية كجزء من التدابير الاحترازية ضد مرض كوفيد 19، إلى إخواننا الليبيين وفرق التعاون والمستشارين والمدربين العسكريين الأتراك المتواجدين في المنطقة". بما يعني أن المستهدف منها ليس الليبيين بل العناصر العسكرية التركية التي تشارك السراج في مواجهة الجيش.
وفي تعليقه على الدور الذي يقوم به الأتراك في ليبيا قال العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي في تصريحات إعلامية، "إن الجيش التركي يستغل فرصة تفشي فيروس كورونا لمضاعفة وجوده في ليبيا؛ عبر إرسال المرتزقة والأسلحة والطائرات لتعزيز موقفه الضعيف. وهو الموقف نفسه الذي قاله أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إكرام بدر الدين، "إن تركيا تسعى إلى استغلال جائحة كورونا، التي تضرب العالم، لفرض واقع سياسي جديد" ظاهريا بحجة المساعدة وواقعيا بدعم المرتزقة ومواصلة تسفيرهم نحو ليبيا رغم الحظر المفروض على حركة الملاحة الجوية في أغلب دول العالم. وقالت "العربية نت" أيضا إن الجيش الليبي رصد "حركة رحلتين جوّيتين بين مطار اسطنبول التركي ومطاري مدينة مصراتة ومعيتيقة بالعاصمة طرابلس خلال الـ48 ساعة الأخيرة، رغم توقيف كافة الرحلات الجوية وتعليق الطيران بين البلدين، في إطار إجراءات منع انتشار فيروس "كورونا".
لم يعد خاف على أحد أن الأتراك يلعبون أدوارا كثيرة في المشهد الليبي. هم يراهنون على فرصهم الأخيرة للحفاظ على حليف لهم في المنطقة، والواقع أنهم نجحوا نسبيا في ضمان قوى نفوذ لهم في ليبيا، لكن الإشكال أن يستغل ظرف إنساني ويتم إيهام الناس أن اسطنبول تقدّم مساعداتها لليبيين لمواجهة كورونا لكن الوقائع تجعل الشكوك كبيرة بأن ما تقوم به ما هو إلا صورة ظاهرية لممارسات أخرى لا تخفي رائحة السياسة.

تركيا ليبيا اردوغان السراج
المرصد
الأسبوع