التجارة العالمية أمام خطر الركود... أي حلول للخروج من الأزمة
بوابة إفريقيا الإخبارية - تقرير شريف الزيتونيبوابة إفريقيا الاقتصاديةحتى في زمن الحروب الكبرى كان العالم يبتكر طرق تحويل السلع والشحنات. لم يشهد التاريخ وضعيات كثيرة انحسرت فيها عمليات الشحن في الموانئ بهذا الشكل، لأن التجارة هي وسيلة عيش الشعوب ومورد رزقهم. لكن في زمن كورونا تغير وجه العالم على كل المستويات الاقتصادية. لا حركة في المحيطات، لا موانئ نشطة، لا سلع تباع وتشترى ولا صفقات تُبرم. كل شيء تقريبا متراجع والسبب هو هذا الفيروس المخيف.
لكي لا تكون الصورة قاتمة بذاك الشكل، فإن كل شيء نسبيّ، عدة دول لم توقف صادراتها نهائيا، والكثير من الدول بقيت تستقبل المواد التموينية والطبيّة نظرا لحاجتها الكبيرة لها لكن ذلك يتم يشكل جزئي حسب الضرورة القصوى وتحت إجراءات مشددة. وحتى الترجيحات التي يقدّمها المراقبون من الممكن تداركها بمجرّد السيطرة على انتشار الفيروس.
في تقرير لها حول الحالة التجارية في العالم توقعت منظمة التجارة العالمية تسجيل تراجع حاد خلال العام الجاري ، مرجعة ذلك إلى الوضع العام في العالم بسبب كورونا. مشيرة إلى أن "القيود المفروضة على السفر والتباعد الاجتماعي لإبطاء انتشار المرض، أثرت في عروض العمالة والنقل والسفر بشكل مباشر". وبسببها "تم إغلاق قطاعات كاملة من الاقتصادات الوطنية، مثل الفنادق والمطاعم، وتجارة التجزئة غير الضرورية، والسياحة، وجزء كبير من التصنيع".
كما تناولت بعض المواقع العالمية المسألة في سياقها التاريخي قائلة إن الأزمة "سوف تفضي في أكثر حالات التشاؤم إلى تسجيل تراجع للتجارة العالمية على غرار ما حدث خلال فترة 'الكساد الكبير'" أو ما يعرف بأزمة الثلاثينات قبل 90 عاما التي كانت نتائجها مدمّرة على كل دول العالم خاصة المصنّعة منها. لكن هذه المرة سيكون الركود لفترة زمنية أقصر.
وقال المدير العام للمنظمة روبرتو أزيفيدو، الأربعاء 8 أفريل، إن التجارة في جميع مناطق العالم، ستشهد انكماشا يتراوح بين 13% و32% في سنة 2020، و"التنبؤات الأخيرة تشير إلى هبوط اقتصادي وخسارة فرص عمل أسوأ مما حدث خلال الأزمة المالية العالمية منذ (أكثر من) 10 سنوات". مشيرة إلى هذه الأرقام تبقى رهينة التعامل مع الفيروس سواء بتحسنها أو تطورها سلبيّا.
وأضاف أزيفيدو إن "التراجع الحتمي في التجارة والإنتاج ستكون له عواقب مؤلمة بالنسبة للأفراد والشركات، فضلا عن المعاناة الإنسانية التي تسبب فيها هذا المرض". مستدركا أن تحديد سياسات اقتصادية مدروسة ستساهم في الاستدراك السريع، ومشيرا أنه "إذا تعاونت الدول سنشهد تعافيا أسرع مما كانت كل دولة ستحدثه لنفسها منفردة".
إلى ذلك تسارعت ردود فعل القوى الكبرى محذّرة من ركود كبير يؤثر على اقتصادات العالم ككل وخاصة الدول الفقيرة التي ستتوقف صادراتها القليلة ومن الممكن أن تجد نفسها في أكبر الأزمات في تاريخها الحديث. ففي اجتماع لوزراء التجارة بمجموعة العشرين، في 30 مارس تم التأكيد على أن الإجراءات الطارئة الخاصة بفيروس كورونا، يجب ألاّ تعطل حركة الإمداد في العالم، وأن تكون منسجمة مع مواقف المنظمة العالمية في ما تراه مناسبا. كما أعلنوا أنهم سيواصلون "العمل معاً لإيجاد بيئة للتجارة والاستثمار تتسم بالحرية والنزاهة والاستقرار والشفافية ولا تنطوي على تمييز".
بعد فترة لم تعد قصيرة في التعامل مع فيروس كورونا، ليست هناك أي مؤشرات نحو خروج إيجابي من الأزمة، فكان الإجراء الأسهل لبعض الدول هو إيقاف صادراتها من أجل التحكم في أسواقها المحلية، لكن الظروف العامة والواقع الذي تعيشهما تلك الدول خاصة النامية تدلاّن على أن أي إجراء لن يصمد على مدى طويل وستجد تلك الدول نفسها أمام عودة جديدة نحو السوق العالمية باعتبارها الوحيدة القادرة على تحريك الأرقام نحو نسق إيجابي.