تقارير

الصين وتبعات كورونا... الاقتصاد في قلب الأزمة

بوابة إفريقيا الاقتصادية

من مقاطعة ووهان الصينية بدأت جائحة كورونا تغزو العالم. لأكثر من شهرين بقيت الصين تصارع الفيروس منفردة قبل أن يتجه نحو مناطق أخرى من العالم ويحدث فيها حالة أشبه بالمأساة. الأقرب أن الصينيين اكتشفوا الكارثة قبل الإعلان عنها وأرادوا إخفاءها خوفا من تأثيرات الاقتصاد، لكن عندما دخلت مرحلة الخطر صارحت نفسها والعالم بالحقيقة، لكن متى؟ بعد أن دخلها ألاف البشر وغادروها حاملين للفيروس نحو دولهم لنكتشف حلقة أخرى أكثر درامية.

المشكل أن الصينيين وهم المليار ساكن أراد الرقم أن يتوقف عند الثمانين ألفا في حين أن دولا أقل من سكانها أسداسا يتجاوز فيها الفيروس المئة والمئتين والثلاث مئة ألف. كيف ذلك؟ تلك إجابة لا تعرفها إلا الصين، ربما حقيقة أنها نجحت في القضاء عليه وربما أيضا إخفاء للحقيقة. لكن للفيروس صورة أخرى في صراع الاقتصاد. فالصينيون اليوم ملوك العالم أساسا في الاقتصاد.

البلد الأكثر تصنيعا ورغم النكسة التي أصابته لفترة في عدد من القطاعات يجد نفسه عكس كل الدول مزودا رئيسيا للمواد الطبية ومؤمما لجزء من القطاع الخاص حسبما تذكر بعض الأخبار، بما يعني أن البلد الـأسيوي يصعد اليوم لوحده كلاعب في الاقتصاد.

في تقرير لقناة العربية بتاريخ 19 مارس الماضي، تمت الإشارة إلى حالة الركود الكبيرة التي أصابت وتصيب الاقتصاد العالمي. التقرير ذكر استنادا إلى بحث صادر عن معهد التمويل الدولي أن "أن الاقتصاد العالمي دخل في مرحلة ركود فعلي بالربع الأول من العام الجاري على وقع استعار أزمة فيروس كورونا المستجد التي تضرب العالم منذ مطلع العام الجاري". لكن نفس التقرير استدرك أن الصين بعيدة عن ذلك الركود بل إنه توقع "أن ينمو الاقتصاد الصيني بنحو 3% ليلعب دورا هاما في إنقاذ الاقتصاد العالمي من براثن ذلك الركود".

وكالة الأنباء الألمانية بدورها بحثت داخل كواليس الاقتصاد الصيني، قائلة إن شمس الصناعة في الصين بدأت تشرق مجددا بعدما تراجعت بسبب انتشار الفيروس خلال الشهور الماضية واكتشفت أن نهاية شهر مارس كانت نقطة عودة الشركات الصينية للإنتاج واستعادة التصنيع لنسقه في ظل الطلب العالمي الكبير على سلعها. فالكثير من الشحنات الطبية توجهت بحرا وجوا نحو عواصم تطلب المدد، الجديد أن كبرى الدول أصبحت ملهوفة لإقناع الطرف الصيني بالمساعدة بعد أن كان منافسها الذي تحاك له المكائد.

4 مليارات كمامة وآلاف الأسرة وملايين الأجهزة الطبيّة، توجهها الصين في أقل من نصف شهر في كل الاتجاهات أكثر من ثلثيها نحو منافسها الأول في العالم الولايات المتحدة. قد يقال أن الظرف إنساني هذه المرة، لكن من يعرف القوّتين يدرك أيضا أن دولارا واحد بحسابه بينهما وأول همهما كيف يوسعان امبراطوريتهما المالية. ما صدّرته الصين خلال شهر يقدّر بميزانية جزء كامل من العالم وهذا ما يعزز من قوتها ويستفز منافسيها، لكن هذه هي الصورة في المشهد الكامل؟ بالتأكيد لا.

فالصين التي خرجت في 2019 بنسمة نمو تجاوزت 6 بالمئة، ستجد نفسها هذا العام حسب خبراء أمام نسبة لن تتجاوز 3 بالمئة. الدولة الآسيوية هي أكبر مصدر في العالم للبضائع باعتبارها توفر له ثلث احتياجاته، وفي ظل التراجع الكبير للحركة التجارية يدخل ذلك الإنتاج في حالة الركود بسبب تباطؤ التصدير الأمر الذي ستكون نتائجه صعبة على الاقتصاد الصيني. الشيء الآخر أن المنافس الأمريكي يدرك جيدا أن ترك المجال للطرف الصيني يتحرك لوحده هو نوع من الهدية المجانية تزيد من نفوذه ولذلك كانت خطوة الدعم التي بدأتها الولايات المتحدة بتوفير مبلغ تريليوني دولار لمواجهة الأزمات الطارئة في بلادها وللإبقاء على قيمة الدولار ثابتة في الأسواق العالمية.

الصين كورونا الاقتصاد الاقتصاد العالمي الولايات المتحدة
المرصد
الأسبوع