تقارير

كورونا يزيد أوجاع الجنيه السوداني المنهار

بوابة إفريقيا الاقتصادية

سجل الجنيه السوداني انخفاضا حادا خلال اليومين الماضيين، وجرى تداول الدولار الواحد بنحو 124 جنيها في تداولات أمس الثلاثاء، معاكسا توقعات الخبراء والمراقبين بأن يشهد تعافيا نسبيا في ظل تراجع مغذيات الطلب على الدولار ومن أهمها توقف حركة السفر والتجارة خصوصا مع الصين ومعظم دول الخليج، بسبب القيود التي فرضتها ظروف انتشار فيروس كورونا.

لكن فيروس كورونا الذي كان من المتوقع أن يكون محفزا لارتفاع الجنيه المأزوم أصلا، أو استقراره على الأقل أحدث انعكاسا سلبيا وخفض قيمته بنحو 9 بالمئة خلال أقل من أسبوع.

ووفقا لـ "سكاي نيوز عربية" فقد رأى البعض أن نقص المعروض الناجم عن تراجع تحويلات المغتربين، واتجاه العديد من السودانيين لتحويل مدخراتهم إلى عقارات وعملات صعبة بسبب الأوضاع الاقتصادية التي سادت العالم عقب تفشي فيروس كورونا كلها أسباب فاقت الأثر الذي كان من المتوقع أن يحدثه انخفاض حركة السفر والتجارة الخارجية.

ووفقا لمتعامل في تحويلات السودانيين في أحد الأسواق الخليجية، فإن معدلات التحويلات اليومية تراجعت عقب تفشي كورونا بنسب تتراوح بين 50 الى 70 بالمئة عن معدلاتها الطبيعية.

ويبرر المتعامل ذلك بميل العديد من المغتربين السودانيين وغيرهم للاحتفاظ بمدخراتهم وحصر التحويلات على الجوانب الضرورية فقط، خصوصا في ظل حالة عدم اليقين في الأسواق عموما والتوقعات الضبابية بشأن الاقتصاد السوداني.

ويشير أيضا إلى أن تحويلات المغتربين تأثرت سلبا بضعف الحركة وتقييدها في العديد من المدن الخليجية والعالمية الأخرى.

ويرى الأكاديمي وأستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية، عصام عبدالوهاب بوب، أن من الطبيعي في ظل المخاوف الحالية من فيروس كورونا، إضافة إلى المخاوف من زيادة معدلات الكساد، أو التباطؤ الاقتصادي مقرونة بارتفاع معدل التضخم وانعدام اليقين في النظام الاقتصادي الحالي أن يتجه المواطنين لتحويل مدخراتهم إلى عملات صعبة، وهو ما أدى للانخفاض الحاد الذي يشهده الجنيه السوداني حاليا.

ويوضح بوب أنه ومع انعدام الثقة في مسار الاقتصاد وزيادة انخفاض سعر العملة الوطنية، يتجه المواطن لشراء الذهب والعملات الحرة كمخزن القيمة، وتعدي الأمر ذلك الي شراء كل ما يمكن تخزينه من سلع رأسمالية، أو حتى محاصيل، وبذلك يقل المعروض مع زيادة الطلب ويرتفع سعره.

ويشير بوب إلى مخاوف كورونا وضعف الأداء الاقتصادي، وانتقاله من سيئ لأسوأ كلها عوامل تدفع في اتجاه سحب كل ما يمكن من العملات الحرة وبالتالي ارتفاع سعرها..

ويقول رجل الأعمال والخبير الاقتصادي، أحمد محمد سيد، أن تراجع المعروض من الدولار خصوصا من المغتربين في دول الخليج والبلدان الأوروبية نتيجة للقيود المفروضة على حركة الناس، بسبب فيروس كورونا هو واحد من الأسباب المهمة التي أدت إلى ندرة الدولار والعملات الحرة الأخرى وبالتالي ارتفاعها في السوق المحلية.

ويشير سيد إلى سبب آخر يتمثل في عمليات التخلص الضخمة من المدخرات المحلية وتحويلها إما إلى أصول ثابتة أو عملات صعبة، وهو ما أدى إلى شح كبير في الدولار والعملات الحرة الأخرى وفي المقابل سيولة ضخمة في الأسواق.

ويقول سيد إن العامل النفسي الناجم عن المخاوف المتعلقة بكورونا جعل من الصعب الخروج بتنبؤات منطقية حول الوضع الذي تكون عليه العملة السودانية.

ويواجه الاقتصاد السوداني أزمات ومشكلات مزمنة أدت إلى خلل هيكلي في معظم القطاعات الاقتصادية بسبب فساد عناصر النظام السابق والتداعيات السلبية للحصار الأميركي والتي قدرت خسائرها التراكمية بمئات المليارات من الدولارات.

ويبرز الخلل بشكل واضح في عجز ميزان المدفوعات وعجز الميزان التجاري الذي بلغ حو 5 مليارات دولار في 2019.

كما أثر التمويل بالعجز عبر طباعة النقود سلبا على مجمل الأداء الاقتصادي ورفع معدلات التضخم إلى حدود ال 70 في المئة على أساس سنوي.

المرصد
الأسبوع