القيود البنكية تخنق اللبنانيين
بوابة إفريقيا الإخبارية - وكالاتبوابة إفريقيا الاقتصاديةخارج بنك في بيروت، يقف العشرات في طوابير كل صباح قبل فتح الأبواب بوقت طويل، على أمل سحب أي مبلغ من المال مهما كان زهيداً تسمح به القيود هذا الأسبوع.
يعلن موظف أن 15 شخصاً فقط، يمكنهم الحصول على 100 دولار، وعلى جميع الباقين المغادرة. وفي صباح يوم آخر، يعلن الموظف أن الفرع ليس فيه دولارات.
وقالت بولين صوما، غير قادرة على منع نفسها من الضحك بعد أن حاولت سحب مبلغ زهيد من مالها: "البنك الذي يقع بجانب منزلي خالٍ من الأموال، لا توجد عملات ولا دولارات، كيف يمكن أن يكون هناك بنكاً دون أموال؟"، وأضافت أنها تنتظر منذ الصباح الباكر.
وتسببت الأزمة المالية في لبنان في نقص الدولار، وارتفاع الأسعار، ونقص الوظائف، وإذكاء الاضطرابات.
وتعرضت البنوك التي تعاني من نقص السيولة، لانتقادات بسبب فرض قيود بعد أعوام من تحويل الودائع إلى دولة غارقة في الديون.
وتختلف القيود، التي فُرضت قبل نحو أربعة أشهر دون تشريع، من بنك لآخر، مع إعطاء بعض السلطة التقديرية للفروع.
وقيدت البنوك السحب لما يصل إلى 100 دولار أسبوعياً، وأوقفت التحويلات إلى الخارج، وخفضت الإنفاق المسموح به بالبطاقات عبر الإنترنت أو في الخارج.
وقال ما لا يقل عن عشرة مودعين، إن القيود تزداد صرامة كل بضعة أسابيع وغالباً ما لا تطبق على الجميع بالطريقة نفسها.
وقال البعض إن فروعهم لا يوجد بها على الدوام المال الكافي حتى في ظل القيود الصارمة.
وقال آخرون إن المصرفيين هددوا بإغلاق حسابات العملاء الذين حاولوا تقديم شكوى. ويقول موظفو البنوك إنهم أيضاً يواجهون ضغوطاً متزايدة من المودعين المستائين.
لم يتسن الاتصال بجمعية مصارف لبنان للتعليق. وقال رئيس مجلس إدارتها، إن القواعد تهدف إلى الحفاظ على ثروة لبنان في البلد، وإن البنوك تكبدت خسائر كبرى لتأمين العملة الصعبة.
ومع نفاد الصبر، تعهدت الحكومة بصياغة قانون بالضوابط. ويوم الثلاثاء، التقى النائب العام مع مصرفيين للاتفاق على مجموعة من القواعد.
وفي اثنين من أكبر البنوك في لبنان، قال ما لا يقل عن 12 عميلاً، إنهم لم يعد بإمكانهم سحب الدولارات التي دخلت حساباتهم اعتباراً من يناير(كانون الثاني) لاماض، وأنهم يضطرون إلى تسلم أموالهم بالليرة اللبنانية بالسعر الرسمي، ما يقضي على أكثر من 40% من قيمتها السوقية.
وقالت صوما، التي تعمل في صالون تجميل وخفض أجرها فيه: "يعتقدون أنه لا مشكلة في إذلال الناس، ولا يحق لنا الشكوى، كما لو كنا قمامة".
وأمضى عبد الحسن الحسيني، الأستاذ الجامعي، 20 عاماً في الادخار من أجل أبنائه. وأصبح ابنه المهندس المعماري في حاجة إلى الأموال للانتقال إلى الخارج مثل كثير من الشبان اللبنانيين، لكن البنك لن يعطيه دولارات، ولا حتى في شكل شيكات.
وقال إن البنك عرض عليه بدل ذلك شيكاً بالليرة اللبنانية.
ومضى قائلاً: "هذا ذل، البنوك سرقت العالم، فبعد أن أودع اللبنانيون أموالهم في البنوك، وضعت فوائد مرتفعة، ونقلت الأموال إلى مصرف لبنان، ومصرف لبنان دينهم للدولة، والدولة سرقتهم".
وتعهد رئيس الوزراء حسن دياب في مطلع الأسبوع بحماية الودائع وذلك في خطابه الذي أعلن فيه أن لبنان لا يستطيع سداد ديونه، إلا أن، مثل هذه التطمينات في الأشهر الأخيرة لم تمنع اللبنانيين من إبقاء أموالهم في البيوت.
وبعد الحرب الأهلية بين 1975 و 1990 والانتقال إلى الخارج مع زوجها، عادت هيام الشامي لقضاء عقد الستينيات من عمرها في لبنان.
لكن مدخراتهما صارت حبيسة البنك بسبب الأزمة، وهاجر أبناؤهما إلى الخارج.
وقالت: "أعاننا الله على تلك القواعد. أتمنى ألا يبقى أياً منها".