رئيس الوزراء اللبناني يحذر من كارثة اقتصادية
بوابة إفريقيا الإخبارية - وكالاتبوابة إفريقيا الاقتصاديةحذر رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب أمس الأربعاء، غداة إعلان تشكيل الحكومة الجديدة أن بلاده تواجه "كارثة" اقتصادية جعلها من أولويات عمله في المرحلة المقبلة.
وعقدت الحكومة الجديدة أول جلسة لها في القصر الرئاسي في بعبدا قبل أن تتجدد المواجهات في وسط بيروت بين القوى الأمنية ومتظاهرين يرفضون التشكيلة الحكومية الجديدة في بلد يشهد منذ أكثر من 3 أشهر حراكاً شعبياً غير مسبوق ضد الطبقة السياسية كاملة.
وبعد الانتهاء من إعداد بيانها الوزاري، يتعين على الحكومة الجديدة الحصول على ثقة المجلس النيابي، وهو أمر مرجح كون الأحزاب الممثلة فيها والتي دعمت تكليف دياب، مثل حزب الله وحلفائه، تحظى بغالبية في البرلمان.
ويصر الأستاذ الجامعي دياب (61 عاماً) على أن "حكومته مؤلفة من اختصاصيين تنفيذاً لمطالب الشارع"، إلا أن تأخر تشكيلها أكثر من شهر يعود إلى انقسام القوى السياسية المتحالفة أساساً على توزيع الحصص فيما بينها، ورفض أخرى المشاركة فيها.
وقال دياب الأربعاء، في تصريحات تلاها أمين عام مجلس الوزراء محمود مكية في ختام الجلسة البروتوكولية، "نحن أمام مأزق مالي واقتصادي واجتماعي، في الواقع نحن أمام كارثة وعلينا التخفيف من وطأة وتداعيات الكارثة".
وأشار دياب إلى "تحديات هائلة" تواجه حكومته في بلد يشهد منذ أشهر انهياراً اقتصادياً يهدد اللبنانيين في لقمة عيشهم ووظائفهم، مؤكداً أن من "حق اللبنانيين أن يصرخوا وأن يطالبوا بوقف المسار الانحداري للبلد بينما لا يزال الإصلاح أسير التجاذبات".
وخلال حديث مع صحافيين نقلته وسائل إعلام محلية الأربعاء، قال دياب "سيكون نهج هذه الحكومة المالي والاقتصادي مختلفا كلياً عن الحكومات السابقة".
لن تكون مهمة دياب سهلة على وقع التدهور الاقتصادي، وحركة الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة والمستمرة منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول)، كما يواجه تحدياً آخر في إرضاء المجتمع الدولي الذي يربط تقديمه دعماً مالياً للبنان بتشكيل حكومة إصلاحية.
وغداة إعلان تشكيل الحكومة، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، "سنقوم بكل شيء لمساعدة أصدقائنا اللبنانيين في الأزمة العميقة التي يمرون بها".
وكان دياب دعا الثلاثاء بعد إعلان تشكيل الحكومة إلى إمهاله "قليلاً من الوقت". وقال "سنكون سريعين ولكن غير متسرعين"، مؤكداً أن أولويته معالجة "كل الأمور المتعلقة بالاقتصاد والقطاع المصرفي وصرف الليرة".
والأزمة الاقتصادية الراهنة وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية. وارتفع الدين العام إلى نحو 90 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 150% من إجمالي الناتج المحلي.
ومنذ أشهر، يواجه لبنان انهياراً اقتصادياً مع شح في السيولة وارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية وفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الدولار، حتى تحولت فروع البنوك إلى مسرح يومي للإشكالات بين مودعين يطالبون بأموالهم وموظفين ينفذون القيود المفروضة.
وبعد صباح هادئ في بيروت، تظاهر بضع مئات الأربعاء في محيط المجلس النيابي في وسط بيروت، حيث تجددت المواجهات لليوم الثاني على التوالي مع القوى الأمنية التي أغلقت الطريق المؤدي للبرلمان بحاجز اسمنتي وحديدي.
وحاول متظاهرون اختراق حواجز أمنية للوصول إلى ساحة البرلمان، ورشقوا القوى الأمنية بالحجارة والمفرقعات النارية وردتّ الأخيرة باستخدام خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع لإبعادهم، في مشهد يتكرر بشكل شبه يومي منذ الأسبوع الماضي.
وتحولت المنطقة إلى ساحة كر وفر بين الطرفين، وعمد البعض إلى تكسير واجهات محلين في السوق الرئيسي وسط المدينة. وأعلن الصليب الأحمر اللبناني بعد نحو ساعتين من المواجهات عن نقل 7 إصابات إلى المستشفيات ومعالجة 15 آخرين في المكان.
وصباح الأربعاء، عمد محتجون مجدداً إلى قطع طرق عدة خصوصاً في منطقة طرابلس (شمال) والبقاع (شرق).
وفي وسط بيروت، قالت متظاهرة (30 عاماً) رفضت الكشف عن اسمها "ما نراه هو غضب الشارع الذي لا يستمعون له"، مضيفة "لا يمكن أن نمنح الحكومة فرصة لأن الطريقة التي اختيرت فيها تظهر أنهم لم يغيروا شيئاً في أسلوبهم، طبعاً لن نمنحها الثقة".
ويطالب مئات آلاف اللبنانيين الذين ينزلون إلى الشوارع والساحات شكل متقطع برحيل الطبقة السياسيّة كاملة التي يحمّلونها مسؤوليّة تدهور الوضع الاقتصادي ويتّهمونها بالفساد والعجز عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية. كما يطالبون بتشكيل حكومة اختصاصيين ومستقلين عن الأحزاب السياسية التقليدية على أن تكون مهمتها وضع خطة إنقاذية تُخرج البلاد من الانهيار الاقتصادي.
ويرى متظاهرون، أن الحكومة الجديدة ليست سوى واجهة لأحزاب سياسية متحالفة في ما بينها، معتبرين أن الوزراء الجدد يمثلون الأحزاب التي سمتهم، مستغربين وصفهم بـ"التكنوقراط".
وطرح دياب والأحزاب الداعمة له شخصيات جديدة في الحكومة، بعيداً عن أي اسماء قد يعتبرها المحتجون استفزازية، مثل وزير الخارجية السابق جبران باسيل.
ورفضت أحزاب عدة المشاركة في الحكومة، على رأسها تيار المستقبل برئاسة الحريري وحزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع. وبالتالي، انحصرت اتصالات دياب خلال العمل على تشكيلة حكومته على فريق واحد يتمثل بالتيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون ويرأسه صهره جبران باسيل، وحلفائه وأبرزهم حزب الله وحركة أمل التي يترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
ومساء الثلاثاء، قال المتظاهر في طرابلس علاء خضر (30 عاماً)، "نرفض حكومة حسان دياب رفضاً مطلقاً، هي حكومة حزب الله وليست حكومة تكنوقراط مستقلة". وأضاف "لن نسمح باستمرار السلطة في تجاهل مطالبنا".