الاقتصاد الليبي

تهريب النفط.. دمار متواصل للإقتصاد الليبي

بوابة إفريقيا الاقتصادية

يعتبر النفط في ليبيا سلاحا ذو حدين، فبقدر ما هو نعمة وثروة تحقق النماء والرخاء لعموم الليبيين، بقدر ما تحول في السنوات الأخيرة إلى نقمة يقتتل الليبيون والمتدخلون الإقليميون والدوليون في شؤونهم من أجله. وهو إلى اليوم مصدر للتجاذبات على الساحة الليبية يكسب من يهيمن على إنتاجه وتصديره أوراقا على حساب خصومه الساعين إلى الهيمنة على القرار في البلد.

وتعد معضلة تهريب النفط من أكثر التحديات التي تؤرق مضاجع الليبيين، حيث يعمد المهربون الكبار إلى دفن صهاريج الوقود تحت الأرض قرب الحدود ليهرب لاحقا إلى مالطا وايطاليا. فالكميات المهربة نحو تونس من البنزين سنويا تتراوح من 12 مليون لتر إلى 15 مليونا هذا عبر المنافذ الرسمية فقط، أما المنافذ السرية ففي سنوات 2012 وحتى 2016 وعندما كان المنفذ السري ظهرة الخص يشتغل لجأ من لديه صهريج للاستعمال الفلاحي وجلب الماء إلى تغيير نشاطه نحو تهريب المحروقات.

وتهريب النفط لا يشمل فقط مجموعات التهريب الصغيرة بل هناك مافيات عالمية مستفيدة من الوضع الراهن في البلاد من أجل الحصول على الذهب الأسود المهرب بأرخص الأسعار. وتشير العديد من التقارير المحلية إلى ان تهريب النفط سنويا في ليبيا يجعل البلاد تخسر ملايين الدولارات.

من جانب آخر، فقد تعلقت قضايا فساد ثقيلة بالملف النفطي حيث سبق أن كشف ديوان المحاسبة عن مخالفات وتجاوزات أظهر حجم الفساد وحجم تبديد عائدات النفط الذي شهد عودة لتصديره إثر طرد جماعة إبراهيم الجضران سنة 2016 بعملية قادها الجيش الليبي.

إذ أظهرت تلك المراجعة وكشف الحسابات ان أموال النفط تذهب لميليشيات مسلحة لها تحالفات مع من يهاجمون حقول النفط مع عدم تقديم حكومة الوفاق لأي دعوة لمحاسبة أو مواجهة قضائية لكل من تورط في الأمر من أشخاص ومؤسسات.

في نفس الإطار، في التاسع من فبراير من هذا العام، أمر مكتب النائب العام في "حكومة الوفاق"بضبط واعتقال 103 اشخاص ثبت تورطهم بتهريب النفط الليبي بطريقة غير مشروعة، بالإضافة إلى تجميد حساباتهم البنكية، بعد اكتسابهم أموالا طائلة وغير مشروعة دخلت إلى حساباتهم المصرفية، وتضمنت القائمة أسماء اصحاب محطات وقود تتعامل مع "حكومة الوفاق".

وأقر تقرير نشرته وكالة سبوتنيك أن أن أغلب موارد النفط الليبية تهرب عن طريق القسم الغربي من البلاد، من خلال الحدود البرية التونسية، وكذلك عن طريق البحر من خلال مالطا وإيطاليا، وبحسب الأرقام تخسر ليبيا ما يقارب 750 مليون دولار سنويا بسبب عمليات تهريب النفط.

من جانبها، وجدت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة أنه تم إنشاء أكثر من 480 محطة بنزين جديدة منذ عام 2011، لكنها أشارت إلى أن معظمها غير موجود في الواقع. عندما اكتشف " مصطفى صنع الله" رئيس شركة النفط الوطنية أن جميع "محطات الأشباح" بنيت تقريبًا بعد عام 2010، حاول تقييد إمدادات الوقود على تلك المحطات التي بنيت قبل عام 2010. وبعد بضعة أيام فقط، قام مكتب رئيس الوزراء بمنع الطلب باعتباره "غير قانوني".

من ذلك، يرى مراقبون أن معضلة النفط في ليبيا أنه يقع تحت سيطرة الأطراف الداعمة للحركات الإرهابية في مرات متكررة، وإن هذا النفط لا يساهم فقط في تغذية الصراعات على الساحة الليبية، بل يمول الحروب في بلدان أخرى مثل مالي من خلال تمويل الجماعات الإرهابية في شمالها.

بالتالي فإن الليبيين يدفعون فعليًا مرتين -أولاً لدعم الوقود والثاني للديون المتزايدة المستحقة على المؤسسات المملوكة للدولة إلى الخزانة الليبية- مقابل الوقود الذي لا يصل في كثير من الأحيان إلى المضخات المحلية. في بعض أجزاء البلاد، يدفع الليبيون ما يصل إلى 15 ضعف السعر الرسمي المدعوم للتزود بالوقود لسياراتهم.

المرصد
الأسبوع