الاقتصاد الليبي

تبييض الأموال في ليبيا... وجه آخر للفساد المالي

بوابة إفريقيا الاقتصادية

أواخر شهر فبراير الماضي طالب مستشار اللجنة الوطنية الليبية لمكافحة الفساد، المهدي بن جمعة، السلطات التونسية بتقديم معلومات عن 120 مؤسسة ليبية مشتبه في قيامها بتبييض الأموال من خلال ارتباطها بأطراف وشركات تونسيّة بدورهم تطالهم تلك الشبهات. الطلب الليبي أعاد قضية تبييض الأموال إلى الواجهة بعد أن أعادت اللجنة الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي، ليبيا إلى القائمة السوداء ضمن الدول غير القادرة على مراقبة حركة الأموال.

عملية التلاعب بالأموال الليبية بدأت مع انفلات الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد عام 2011، والإطاحة بنظام العقيد معمّر القذّافي. الحالة الأمنية التي عاشتها البلاد في تلك الفترة، شجعت أطرافا كثيرة على خرق قواعد المعاملات المالية لتحقيق منافع خاصّة، في عمليات كانت أشبه بالسرقات الكبيرة التي تسببت في انهيار الاقتصاد.

في أبريل 207، أعلن مصرف ليبيا المركزى فى طرابلس،  أن الجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، اتخذت جملة من القرارات لالتزام "المعايير الدولية الخاصة بأنظمة مكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب". جاء القرار وقتها وسط ضغوط كبيرة من الهيئات الدولية التي صنّفت ليبيا ضمن قائماتها السوداء حول حركة الأموال وتمويل الإرهاب.

تلك الإجراءات يبدو أنها لم توقف عمليات الغسيل، حيث تواصلت الانتقادات الكبيرة حول العجز عن مواجهة تلك التجاوزات التي من الواضح أن أطرافا متنفذة كانت جزءا منها الأمر الذي فرض على اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب على إصدار القرار رقم 6 لسنة 2018 بشأن تحديد المبالغ الواجب الإفصاح عنها عند الدخول إلى ليبيا أو الخروج منها، حيث طالب بألا تتجاوز التحويلات العينيّة 10 ألاف دولار سواء الدّاخلة إلى البنوك الليبية أو الخارجة منها.

موقع "انكيفادا" المختص في التحقيقات حول الفساد المالي، نشر في سبتمبر 2018، تحقيقا حول تبييض الأموال الليبية عبر تونس، مؤكدا وقوع تحويلات كبيرة عبر البنك المركزي التونسي لفائدة أطراف ليبية تنشط في تونس. الموقع عاد إلى مراسلة سرّية "رفعتها مديرة ادارة عمليات التجارة الخارجية بالبنك المركزي التونسي سلوى لاغة إلى محافظ البنك بتاريخ 13 جويلية 2017، تحذّره من إمكانية تورّط البنك في منح "غطاء" لعمليات "مشكوك فيها" تقوم بها شركة "نجمة الشمال" وهي شركة تجارة دولية غير مقيمة ذات رأس مال ليبي تنشط في الساحة التونسية في مجال التصدير نحو ليبيا وتحوم حولها شبهات." وأضاف الموقع أن التحذير جاء "بعد تفطّن الادارة المذكورة، بناء على نتائج أفضت إليها مهمّة تفتيش وتدقيق رسمية، الى أنّ عددا من العمليات التجارية التي قامت بها الشركة انطلاقا من تونس "مسترابة" ويمكن أن تخفي "مخالفات صرف ومخالفات ديوانية و شبهات تبييض أموال".

في نفس التحقيق تمت الإشارة إلى أن السلطات الليبية (طرابلس) أطلقت صيحة فزع حول التلاعب بالعملة الصعبة الليبية في عمليات تبييض تتم بين أطراف ليبية، بعلم البنك المركزي التونسي الذي كان يبرر التحويلات بأنها تمت تحت عمليات تصدير ليس وراءها أي شبهات. ورغم أن السلطات التونسية بقيت بين 2017 و2019 تراقب تلك العمليّة دون أن تحقق فيها، لكن منذ فبراير 2019، دعت الهيئة الليبية لمكافحة الفساد السلطات التونسيّة إلى مباشرة التحقيق في تحويلات 120 شركة ومؤسسة  متهمة في غسيل وتهريب الأموال.

ورغم أن مجهودات بذلت من مسؤولي مصرف ليبيا المركزي العام 2018، من خلال جملة القوانين التي تم إصدارها ونجحت في حذف ليبيا من قائمة الدول الدول الخاضعة للمتابعة في جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ورغم التوصيات الكبيرة من الخبراء الاقتصاديين بضرورة مراقبة السجلات المالية الخاصة بالأشخاص والمؤسسات، إلا أن الخطوة سرعان ما أفسدتها تجاوزات كبيرة أسفرت عن اتخاذ الاتحاد الأوروبي قرارا بإضافة ليبيا إلى جانب 23 دولة في القائمة السوداء لغسيل الأموال، داعيا إلى "مراجعة وفحص المدفوعات المتعلقة بالأشخاص والمؤسسات الليبية". كما شكّل محافظ البنك في طرابلس لجنة خاصة لمراقبة كل العمليات المالية في البلاد.

المرصد
الأسبوع