الاقتصاد المغربي

هل تطيح الأزمة الاقتصادية في المغرب بحكومة أخنوش؟

بوابة إفريقيا الاقتصادية

يعيش المغرب أزمة اقتصادية خانقة وسط استفحال أسبابها وتفرعها حيث تقود كل المؤشرات إلى تعمق الأزمة وفق ما تفيده التقارير ويؤكّده الخبراء والمحللون. وتجتمع تداعيات الجائحة مع الجفاف والركود الاقتصادي إضافة إلى ارتفاع الأسعار والاحتقان اجتماعي لتصعّب مهمّة رئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش وتضعه وجها لوجه أمام إمكانية الفشل والإطاحة بحكومته.
أكدت المنظمة الديمقراطية للشغل المغربية في أحدث تقرير لها أن "الوضعية الاقتصادية الشاذّة للمملكة ازدادت استفحالا خلال السنة الماضية" مشيرة إلى أن "الانعكاسات الوخيمة لهذه الوضعية ظاهرة في كل مجالات الاقتصاد الوطني وكذا في الوضع الاجتماعي للمواطن."
و أفادت المنظمة أن "54 بالمائة من المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة تعاني من هشاشة مالية", موضحة أنها "عاجزة عن مواجهة اثار الأزمة الصحية، وحال دون تمكينها من الالتزامبنفقاتهافي مجال الاستغلالوالتسييرونفقات الايجار والرواتب والتحويلات الاجتماعية، ما ادى الى إفلاس وإغلاق ما يقارب 20 ألف مقاولة، جراء قيود حالة الطوارئ الصحية وإغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية."

وأشار التقرير أيضا إلى ارتفاع معدل الفقر والفقر المتعدد الجوانب وارتفاع مؤشر البطالة خاصة في صفوف الشباب الذي يمثل ثلث السكان وذلك استنادا إلى تقارير وزارة مالية المخزن التي أفادت ان 5ر4 ملايين من الأسر المغربية تجد اليوم صعوبة في تأمين خبزها وأن نسبة الفقر انتقلت من 1ر17 عام 2019 إلى 87 19 بالمائة في 2020.
كما بينت تقارير حديثة كشف عنها الديوان المغربي للصر فقد تفاقم عجز ميزان مدفوعات المغرب خلال الثلاثي الثالث من سنة 2021، بزيادة قدرها 39 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، حسب النتائج التي وبذلك بلغ عجز ميزان المدفوعات 23.921 مليار درهم مقابل 17.2 مليار درهم (حوالي 1.85 مليار دولار) خلال نفس الفترة من سنة 2020.
و حسب المعطيات الإحصائية لمكتب الصرف المغربي، بلغت نسبة تغطية الصادرات للواردات 3ر61 بالمائة فقط. وقد ارتفعت الواردات بحوالي 23 بالمائة لتصل الى 3ر424 مليار درهم، نتيجة ارتفاع واردات الطاقة، ما أدى الى تفاقم العجز التجاري خلال السنة الماضية.
من جانبه أفاد البنك الدولي في تقرير له مطلع العام الحالي أنالانتعاش الاقتصادي بالمغرب لا يزال هشا مفيدا أنه مع تأخر تعافي الصادرات عن مثيله في الواردات، فإن التحسن الذي حدث العام الماضي في الحساب الجاري آخذ في التراجع جزئيا. في هذا السياق، يتسع عجز التجارة والحساب الجاري مرة أخرى، لكن المستوى المريح لاحتياطيات النقد الأجنبي يدل على عدم وجود ضغط على ميزان المدفوعاتالمغربية.
وأضاف البنك الدولي على خلفية تقرير للمرصد الاقتصادي للمغرب أنه من المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.2 في المائة في عام 2022. مؤكدا أنه بعد موسم حصاد ناجح في عام 2021، من المتوقع أن ينكمش الإنتاج الزراعي بشكل طفيف في عام 2022، مما سيقلل من معدل نمو الاقتصاد المغربي، في حين أن تأثيرالتضخم القوي لعام 2020 سوف يتبدد. ومع ذلك، فإن هذه التوقعات تخضع إلى قدر كبير من عدم اليقين، حيث تركت صدمة كوفيد -19 بصماتها على القطاع الخاص المغربي، ومع اشتداد المخاطر على الاقتصاد العالمي لا سيما في ضوء انتشار المتغيرات الجديدةلـكوفيد -19.
تعتبر السياحة، أحد أهم الركائز الأساسية في الاقتصاد المغربيإذا تساهم بحوالي 7 بالمائة في الناتج المحلي الاجمالي ومصدرا مهما للعملة الصعبةولتوفيرمواطن الشغل المتضرر الأكبر من تداعيات كورونا والأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت بالمغرب. وقد تكبد هذا القطاع خسائر قدرت بمليارات الدولارات بفعل تداعيات الوباء خلال السنتين المنصرمتين، ولا يزال يعاني من التأثيرات السلبية للوباء خاصة مع ظهور المتحور الجديد أوميكرون الذي اضطر المغرب لإغلاق حدوده لمدة 15 يوم مع بداية العام الحالي.
كشفت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني المغربية فاطمة الزهراء عمور، أن قطاع السياحة تأثر كثيرا بسبب تداعيات جائحة كورونا، مسجلا انخفاضا "غير مسبوق" في عدد السياح الوافدين على المملكة بنسبة %79 في 2020 و %71 في 2021 مقارنة مع 2019. مؤكّدة أن ذلك شكّل خسارة كبيرة في السنتين الماضيتين وصلت 90 مليار درهم (حوالي 9.58 مليار دولار) بالنسبة لمداخيل السياحة الخارجية بالعملة الصعبة وانخفاض عدد السياح الأجانب بنحو 20 مليون وافد.
أفادت مندوبية التخطيط المغربية في بيان لها، حسب وكالة الأنباء المحلية، حول الوضعية الاقتصادية خلال سنة 2021 بأن الانتعاش اطفيف الذي تحقق للاقتصاد المغربي كان بفضل الارتفاع الملحوظ للنشاط الفلاحي بنسبة 18,6 بالمائة والأنشطة غير الفلاحية بنسبة 14,8 بالمائة. ولكن صدمة الجفاف بتراجع معدل هطول الأمطار 64% مقارنة بالموسم العادي، انعكست على انتكاسة الاقتصاد وعلى ارتفاعأسعار الخضراوات والفواكه وعلف المواشي، إلى جانب تأثيرها على زراعات الحبوب والقطاني ومخزون مياه السدود.
وتراجعت نسبة ملء السدود في المغرب لتصل إلى 33.7‰ الشهر الجاري مقارنة مع 46.9% في نفس الفترة من السنة الماضية، مسجلة تراجعاً بأكثر من 2 مليار متر مكعب، وهو ما سيؤثر على المناطق التي تعتمد على مياه السدود لسقي المزروعات أو لتوفير المياه.
وقال الديوان الملكي المغربي، تعليقا على أزمة الجفاف، أن المملكة ستنفق عشرة مليارات درهم (1.07 مليار دولار) على خطة وطنية لتخفيف آثار الجفاف على المزارعين والاقتصاد.وأضاف الديوان الملكي في بيان أن الخطة تستهدف إدارة المياه ومساعدة المزارعين والتأمين الزراعي وتمويل عمليات تزويد السوق بالقمح وعلف الماشية.
تعليقا على هذه الأزمات جاءت تصريحات رئيس الوزراء عزيز أخنوش"غريبة " ومخيبة لآمال الشعب المغربي حيث اعتبر رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن الأسعار مستقرة وأن الحكومة تسعى لإصلاح ما خلفته الكوارث الطبيعية والجائحة الصحية من تداعيات جمّة على شتى القطاعات مفيدا أن التضخم في المغرب متحكم فيه، مؤكدا علىأن هناك مواد أساسية أسعارها مستقرة، غير أن مواد أولية والبترول ترتفع أسعارها في السوق الدولية، ما يؤثر على السوق المحلية.
أما بخصوص الجفاف فأكد أخنوش أن التساقطات ضعيفة، متمنيا الغيث، كي تكون السنة حسنة، مشددا على أنه لا يجب اختزال الفلاحة في الحبوب، معتبرا أنلا تخوف من زراعة الخضر والفواكه، لأنها تنجز في الأحواض السنوية. وذهب إلي أن المشكل سيطرح على مستوى الحبوب والماشية،واعدا بالتدخل في الوقت المناسب.
في المقابليعيش المغرب احتقان اجتماعي متصاعد، وسطالتحركات الاحتجاجية المتتالية في مختلف مناطق المملكة المغربية والتذمر الكبيربسبب"فشل حكومة عزيز أخنوش في تدبير الملفات الاجتماعية من جهة ومناقضتها لوعودها من جهة أخرى"وهو ما ينذر باحتمالات كثيرة يواجهها أخنوش وحكومته في ظل الأزمة الاقتصادية والتداعيات الاجتماعية التي تشدّد الخناق على المغرب وسط غياب الحلول الفعلية.

المرصد
الأسبوع