بوابة إفريقيا الاقتصادية
السبت، 20 أبريل 2024 12:35 صـ بتوقيت طرابلس
بوابة إفريقيا الاقتصادية

تقارير

ماذا تعرف عن اتفاقية مونترو الدولية؟

بوابة إفريقيا الاقتصادية

أعلنت الحكومة التركية أنها أخطرت روسيا رسميا بقرارها منع عبور السفن الحربية الروسية عبر مضيقي البوسفور والدردنيل.

وأكد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو مساء أمس الاثنين أن بلاده ستمنع السفن الحربية لـ "الدول المشاطئة وغير المشاطئة للبحر الأسود" من عبور مضيقي البوسفور والدردنيل.

وأضاف أن أنقرة ملتزمة بما تنص عليه "اتفاقية مونترو"، التي تمنحها حق التحكّم بعبور هذين المضيقين.

وقعت اتفاقية مونترو بشأن نظام المضائق، أو اختصارا اتفاقية مونترو، بمونترو في العام 1936، ومنحت تركيا بموجبها السيطرة على مضيقي البوسفور والدردنيل التركيين، وتنظم عبور السفن الحربية التابعة للبحرية.

وتضمن اتفاقية مونترو حرية مرور السفن المدنية في وقت السلم، وتقيد مرور السفن البحرية التي لا تنتمي إلى دول البحر الأسود.

وقد كانت شروط الاتفاقية مصدر جدل على مر السنين، وعلى الأخص حول وصول قوات الاتحاد السوفيتي العسكرية إلى البحر الأبيض المتوسط.

وقِّعت الاتفاقية في 20 يوليو 1936 في قصر مونترو بسويسرا، وقد سمحت الاتفاقية لتركيا بإعادة تسليح المضائق، حيث دخل الاتفاق حيز التنفيذ في 9 نوفمبر 1936 وتم تسجيله في مجموعة معاهدات عصبة الأمم في 11 ديسمبر 1936. ولا يزال ساري المفعول.

كانت الاتفاقية واحدة من سلسلة من الاتفاقيات في القرنين التاسع عشر والعشرين والتي سعت إلى معالجة قضية المضائق طويلة الأمد حول من يجب أن يسيطر على الرابط الحيوي الاستراتيجي بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط.

ففي سنة 1923 نزعت معاهدة لوزان سلاح الدردنيل وفتحت المضائق أمام حركة مرور مدنية وعسكرية غير مقيدة، تحت إشراف لجنة المضائق الدولية التابعة لعصبة الأمم.

ولكن بحلول أواخر الثلاثينيات تغير الوضع الاستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط مع صعود إيطاليا الفاشية، التي سيطرت على جزر دوديكانيسيا التي يقطنها اليونانيون قبالة الساحل الغربي لتركيا، وشيدت تحصينات في رودس وليروس وكوس.

خشي الأتراك من أن تسعى إيطاليا لاستغلال الوصول إلى المضيق لتوسيع قوتها في الأناضول ومنطقة البحر الأسود. كما كانت هناك مخاوف من إعادة التسلح البلغاري.

على الرغم من أنه لم يُسمح لتركيا بتحصين المضائق، إلا أنها فعلت ذلك سراً.

في أبريل 1935 أرسلت الحكومة التركية مذكرة دبلوماسية مطولة إلى الموقعين على معاهدة لوزان تقترح عقد مؤتمر حول اتفاقية نظام جديد للمضيق وطلبت من عصبة الأمم السماح بإعادة بناء حصون الدردنيل.

وفي المذكرة أوضح وزير الخارجية التركي توفيق رشدي آراس أن الوضع الدولي قد تغير بشكل كبير منذ 1923. في ذلك الوقت كانت أوروبا تتجه نحو نزع السلاح وضمان دولي للدفاع عن المضيق. فظهور أزمة الحبشة سنتي 1934 و 1935، وإدانة ألمانيا لمعاهدة فرساي والتحركات الدولية تجاه إعادة التسلح تعني أن الضمان الذي كان يهدف إلى الحماية من انعدام الأمن التام للمضائق قد اختفى بدوره.

كان الرد على المذكرة إيجابيًا بشكل عام، حيث وافقت أستراليا وبلغاريا وفرنسا وألمانيا واليونان واليابان ورومانيا والاتحاد السوفييتي وتركيا والمملكة المتحدة ويوغوسلافيا على حضور المفاوضات في مونترو بسويسرا، والتي بدأت في 22 يونيو 1936 لم يتم تمثيل قوتين رئيسيتين: فإيطاليا التي دفعت سياساتها التوسعية العدوانية إلى المؤتمر في المقام الأول قد رفضت الحضور، ورفضت الولايات المتحدة حتى إرسال مراقب.

طرحت كل من تركيا والمملكة المتحدة والاتحاد السوفييتي مقترحاتها الخاصة، والتي هدفت بشكل أساسي إلى حماية مصالحها. ففضل البريطانيون استمرار النهج التقليدي نسبيًا، بينما سعى الأتراك إلى نظام أكثر ليبرالية أعاد تأكيد سيطرتهم على المضائق واقترح السوفيت نظامًا يضمن حرية المرور المطلقة.

سعى البريطانيون بدعم من فرنسا إلى استبعاد الأسطول السوفيتي من البحر الأبيض المتوسط، حيث ربما كان يهدد ممرات الشحن الحيوية إلى الهند ومصر والشرق الأقصى. وفي النهاية نال البريطانيون بعض طلباتهم بينما نجح السوفيت في ضمان منح دول البحر الأسود - بما في ذلك الاتحاد السوفيتي - بعض الإعفاءات من القيود العسكرية المفروضة على الدول غير المطلة على البحر الأسود.

تم التصديق على الاتفاقية من قبل جميع الحاضرين في المؤتمر باستثناء ألمانيا، التي لم تكن من الدول الموقعة على معاهدة لوزان، وبتحفظات من اليابان، ودخلت حيز التنفيذ في 9 نوفمبر 1936.

نص الاتفاقية

كما ورد في الديباجة، ألغت الاتفاقية الفقرات المتعلقة بالمضائق في معاهدة لوزان، التي نصت على نزع السلاح من جزيرتي ليمنوس وسمدرك اليونانيتين إلى جانب نزع سلاح الدردنيل وبحر مرمرة والبوسفور والجزر التركية امروز وبزجادة وتافشان.

تتكون الاتفاقية من 29 مادة وأربعة ملاحق وبروتوكول واحد. تتناول المواد (2-7) مرور السفن التجارية. تتناول المواد 8-22 مرور السفن الحربية.

فالمبدأ الأساسي لحرية المرور والملاحة منصوص عليه في المادتين 1 و 2. فالمادة 1 تنص على أن "إقرار وتأكيد الأطراف الدولية المتعاقدة على مبدأ حرية المرور والملاحة في المضائق". ونصت المادة 2 على "تمتع السفن التجارية بالحرية الكاملة للمرور والملاحة في المضائق في وقت السلم، ليلا ونهارا، وتحت أي علم وأي نوع من البضائع".

وتم إلغاء لجنة المضائق الدولية، وفوضت القوة العسكرية التركية بالسيطرة الكاملة على المضائق وإعادة تحصين مضيق الدردنيل. سُمح لتركيا بإغلاق المضيق أمام جميع السفن الحربية الأجنبية في زمن الحرب أو عندما تكون مهددة بالعدوان. كما تم التصريح برفض عبور السفن التجارية التابعة لدول التي هي في حالة حرب مع تركيا.

بموجب المادة 12 يُسمح لدول البحر الأسود بإرسال غواصاتها عبر المضيق مع إشعار مسبق، طالما سفنها في طور البناء أو الشراء أو أرسلت للصيانة خارج البحر الأسود.

اتفق على أن القواعد الأقل تقييدًا المطبقة على دول البحر الأسود هو امتياز فعلي للاتحاد السوفيتي، الدولة الوحيدة المطلة على البحر الأسود -باستثناء تركيا- التي لديها عدد كبير من السفن أو الغواصات. وسُمِح بعبور الطائرات المدنية بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود ولكن عبر طرق تسمح بها الحكومة التركية.

كانت أحكام الاتفاقية هي انعكاس إلى حد كبير للوضع الدولي في منتصف الثلاثينيات. وخدمت بشدة المصالح التركية والسوفيتية، حيث مكّنت الأتراك من استعادة السيطرة العسكرية على المضيق، وتأكيد الهيمنة السوفيتية على البحر الأسود.

ظلت الاتفاقية سارية المفعول، ولكن لم تخلُ من نزاعات. فقد تحداها الاتحاد السوفيتي مرارًا وتكرارًا خلال الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة. فسعى ستالين أوائل 1939 إلى فتح مسألة المضيق مرة أخرى، واقترح سيطرة تركية-سوفيتية مشتركة على المضائق، متذمرًا من أن "دولة صغيرة [أي تركيا] مدعومة من بريطانيا تُمسِك بدولة عظمى من الحلق ولا تمنحها أي منفذ".

بعد توقيع ميثاق مولوتوف-ريبنتروب بين الاتحاد السوفيتي وألمانيا النازية، أبلغ وزير الخارجية السوفيتي فياتشيسلاف مولوتوف نظرائه الألمان أن الاتحاد السوفيتي يرغب في السيطرة العسكرية على تلك المضائق وإنشاء قاعدة عسكرية خاصة به هناك.

أعاد السوفيت فتح القضية في 1945 و 1946، فطالبوا بمراجعة اتفاقية مونترو في مؤتمر خاص ليس به أكثر الموقعين على مونترو، وأن السيطرة تكون مشتركة على المضائق مع وجود عسكري سوفيتي دائم.

رفضت تركيا ذلك بشدة على الرغم من "إستراتيجية التوتر" السوفيتية المستمرة. استغل السوفيت لسنوات عديدة بعد الحرب العالمية الثانية القيود المفروضة على عدد السفن الحربية الأجنبية من خلال ضمان وجود إحدى سفنه الدائم في المضيق، وبالتالي منع أي دولة غير تركيا من إرسال سفن حربية عبر المضيق.

امتد الضغط السوفيتي إلى مطالب كاملة لمراجعة اتفاقية مونترو، مما أدى إلى أزمة المضائق التركية سنة 1946، مجبرا تركيا بالتخلي عن سياسة الحياد. فتلقت في 1947 مساعدات عسكرية واقتصادية أمريكية بموجب مبدأ ترومان (الاحتواء) وانضمت في سنة 1952 إلى حلف شمال الأطلسي إلى جانب اليونان.

تقع كل من روسيا وأوكرانيا على البحر الأسود، إلى جانب رومانيا وأعضاء الناتو بلغاريا وجورجيا. يمكن لتركيا أن تحد من عبور السفن الحربية الروسية من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأسود عبر مضايقها بموجب اتفاقية مونترو، لكن الاتفاقية تتضمن بندا يسمح للسفن الحربية للدول المتحاربة العبور إذا كانت عائدة إلى قاعدتها الأصلية.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: "إذا كانت سفينة الدولة المحاربة عائدة إلى مينائها، فسيكون هناك استثناء. سننفذ جميع أحكام اتفاقية مونترو بشفافية"، مضيفًا أنه لا ينبغي إساءة استخدام الاستثناء.

قال مصطفى أيدين، رئيس مركز أبحاث "مجلس العلاقات الدولية التركي"، إن هذه الخطوة ستكون رمزية فقط. وأضاف: "تمتلك روسيا قوة نيران كافية في البحر الأسود تجعل من غير المنطقي أن تتدخل دول الناتو"، وتابع: "روسيا لديها سيادة كاملة على المياه".

بينما قال سيرهات جوفينك، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "قادر هاس" بإسطنبول، إنه إذا طال أمد الحرب، فقد تشعر موسكو بالحرارة، لأن روسيا أكملت بالفعل حشدها البحري في البحر الأسود من خلال نقل الوحدات من بحر البلطيق قبل بدء الأعمال العدائية.

قال جوفينك إنه لم يكن يتوقع أن تتخذ تركيا قرارها سريعا، لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دفع تركيا إلى هذا الوضع بتوجيه الشكر إليها مبكرا على دعمها، عبر حسابه على تويتر.

أكدت تركيا أنها احترمت الاتفاقية تاريخيًا، وقالت إنها ستواصل القيام بذلك.

وقال جوفينك إن من مصلحة أنقرة أن تفعل ذلك لأن الاتفاقية تدعم تركيا في أوقات الحرب. أي استثناء لإرضاء روسيا يمكن أن يعرض مصداقية الاتفاقية للخطر على المدى الطويل.

المرصد
الأسبوع